|

سقط القناع عن القناع أيها الغرب المنافق

الكاتب : الحدث 2022-03-04 01:46:19

بطبيعتنا الإنسانية كبشر لا بد أن نتعاطف دائماً مع المظلوم والمعتدى عليه، ضد المعتدي صاحب النفوذ والقوة التي يستخدمها بغير حق، وعندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، تعاطف العالم كله من شرقه إلى غربه مع الشعب الأوكراني وهذا بديهي، فالجميع تعاطف معهم دون التفكير أو النظر إلى عرقهم ولونهم ودينهم، والتعاطف معهم كان بدافع إنساني بحت.. ولكن لحظة، هل فعلاً لم ينظر أحد إلى هذه السمات؟
بالطبع لا..

"أوكرانيا دولة متحضرة وحرام أن يحدث فيها هذا، فهي ليست العراق وأفغانستان وسوريا"

"هؤلاء ليسوا لاجئين سوريين، فهم بيض ومتحضرين ويشبهوننا، على الأقل هم مسيحيين"

"يثير مشاعري أن أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يتعرضون لكل هذا"

"ما يثير القلق أن هؤلاء ليسوا أشخاص يهربون من الشرق الأوسط وإفريقيا، إنهم مثلنا"

كل هذه العبارات المليئة بالعنصرية والتفرقة والتعالي والتمييز العرقي، نشرت على أهم القنوات الإخبارية الأوروبية والأمريكية.

هل فعلاً العراق وسوريا دول غير حضارية تاريخياً كما يدّعون؟
هل نسي الأوروبيين تاريخهم عندما كانوا لا يعرفون معنى "الاستحمام" وأدخل العرب والمسلمين من الأندلس إلى قاموسهم مفهوم النظافة الشخصية؟
أين كانت دولهم ومن كان يعرف أمريكا عندما كانت هناك حضارات لآلاف السنين قبل الميلاد في العراق وسوريا، كالحضارة الآمورية والبابلية والأوغاريتية والآرامية والآشورية والأكدية والكلدانية؟

إذاً ليس كلنا نفكر بفطرتنا الإنسانية ولبعضنا حسابات أخرى، والأكثر غرابة من كل هذا أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، طلب من شعوب العالم الذهاب إلى أوكرانيا لمساعدته بقتال الجيش الروسي، والغرب صفق له وأيد طلبه بكل رحابة صدر، رغم أننا لم ننسى بعد اتهامهم لعشرات السنين للعرب والمسلمين بأنهم يرسلون الجهاديين إلى أفغانستان وسوريا والعراق، وكانوا يعتبرون هذا إرهاباً ويلصقون التهمة بالإسلام بشكل عام، أليس ما يصفقون له الآن جهاداً أيضاً؟!
هل بمقايسهم ذاتها أصبح اليوم الأوروبيين والأمريكان إرهابيين، ودينهم المسيحي مصدر لهذا الإرهاب ؟
بالطبع لا فهم "عيونهم زرقاء وشعرهم أشقر"..

ورغم أننا مع حق أي شعب بالدفاع عن أرضه بيده، إلا أننا نرى نفاق كبير وكيل بمكيالين بهذه الناحية أيضاً، ففي أوكرانيا نرى الغرب يصف الأوكرانيين المدنيين الذين يحملون السلاح ويدفعون عن وطنهم بأنهم أبطال، بينما ولعشرات السنين كان الغرب يصف أطفال ونساء وشيوخ فلسطين الذين يحملون حجر أو سكين بوجه دبابة بأنهم إرهابيين!
فكيف يحق لشعب أن يقاوم من يغزو أرضه، ولا يحق لشعب آخر القيام بذات الشيء؟!

كل ما نستنتجه مما حدث خلال الأيام الاخيرة، بأن هذه الحرب كشفت الوجه الحقيقي للغرب الذي يتغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأظهرت نظرتهم الدونية لكل شخص ليس لديه (شعر أشقر وعيون زرقاء)، واتضح لنا أيضاً أننا كإعلام عربي ليس من الضروري أن نكون مهووسين بالإعلام الغربي، وعلينا ألا ننظر له بأنه إعلام مهني أخلاقي فهو ليس كذلك، فعلى الأقل مازلنا نرى أخلاقيات الصحافة والإعلام محترمة لدينا، ولم يسبق أن رأينا على شاشاتنا العربية لغة عنصرية وفوقية وتمييز عرقي بهذا الشكل المقيت.

بقلم: أحمد مازن

@AhmadMazen93