|

انسنة الادارة

2019-04-05 06:27:00

في مساء هذا اليوم 29 رجب 1440 هـ ، وصلني الخبر الذي أحزنني وفي نفس الوقت قلت لعله خير لرجل أفنى عمره في خدمة وطنه ومليكه وآن له أن يستريح.

لقد ترجل فارس الادارة عن صهوة جواده بعد عشرات السنين في العمل الاداري.

تنقل خلالها بين كثير من المؤسسات.

 حزني سببه أن الادارة خسرته وليس هو من خسرها فقد أعطاها بمقدار يتجاوز ما أخذه منها.

ذلك الرجل تفرد وتميز بصفة لا يعرفها الكثير من عمالقة الادارة.

تلك الميزة هي بناء الانسانية في العمل الإداري.

كنت دائما أطلق عليه الإداري الانسان. لقد أدار المؤسسات التي تولى أمانتها بالحب والاخلاق والتسامح والتغاضي في غير تساهل مع تجاوز الأنظمة.

هذه المعادلة قد تكون ضربا من المستحيل في العمل الاداري.

كثير من الاداريين يحبون السيطرة وأن تدار المؤسسة بالخوف والترهيب. هذا يتعارض مع مبدأ الإداري الانسان.

كان يقول لو أدرت بحب لعمل الموظفون بإخلاص في حضوري وغيابي، ولو أدرت بترهيب لتوقف العمل عند غيابي.

ذلك الإداري الانسان مثل نقطة تحول ايجابية في حياة الكثير وأنا أحدهم. لولا مواقفه ودعمه لي لما وصلت إلى ما أنا فيه.

ما يميز وقفاته هو إنه يقف مع من يعرف ومن لا يعرف كما كان معي وبلا معرفة.

من حسن حظ القطاع الصحي أن وجد هذا الرجل ليضيف على إنسانية العمل في هذا القطاع إنسانية وتسامحاً وأخلاقاً.

كم من مريض وكبير في السن وامرأة فك كربهم بتعامله الكريم وشهامته ورجولته معهم.

ذلك الرجل جسد أخلاق ابن القبيلة في تعامله القبلي الأصيل مع واقع الإدارة المرير.

إن من أكتب عنه هذه السطور هو بحق “إنسان الادارة” و”إدارة الإنسان”:

إنه الأستاذ منصور بن علي مزهر والذي تقاعد في هذا الشهر.

كلماتي لا يحتاجها رجل بقامة منصور مزهر ولا يحتاج لشهادتي ولكنها كلمة حق تقال من رجل كان منصور مزهر نقطة مضيئة في حياته.

من سنين لم أره ولم ألتق به إلا عن طريق الهاتف. لكني سمعت إنه ما زال شاباً ومحباً للحياة وللجمال كما عهدته.

أجده من باب الوفاء والعرفان بالجميل أن أقول له “شكراً” مع رجائي له بحياة أجمل.

كما أدعو قبلاتي أن تطير من “رياض الرجال” إلى “أبها الجمال” لتقبل جبين منصور مزهر.

مخلصكم

د. جابر شراحيلي

أبو امل

29/7/1440 هـ