|

قلبٍ ظلام و وجه يشبه للأصحاب

2019-04-13 06:23:45

منذ قديم الأزل عرفنا بأن الصداقة أهم علاقة إنسانية تنشأ بين الناس، تقوم على الثقة المتبادلة والمواقف الصادقة والحقيقية بين شخصين أو أكثر، علاقةٌ نقيةٌ خالية من المصالح الشخصية، يعبّر فيها الأصدقاء عن أسمى المشاعر والأحاسيس الإنسانيّة، فالصديق الوفيّ كشجرة -لأن الأشجار عمرها طويل-أصلها ثابت و فرعها في السماء، يخشى على صديقه من المرض، التعب و الفشل العاطفيّ، عكس الصديق المنافق، كالورد سريع الذبول، شكله جميل لكنه يفنى سريعًا.

وجوههم ضاحكة، كلامهم معسول و تصرفاتهم جميلة في بادئ الأمر، يطوفون حولك مثلما يحوم الفراش على النار، متى باتت رمادًا طار باحثًا عن ضوء آخر يطوف حوله.. يستنزفون مشاعرك و طاقتك الإيجابية ارضاءً لمصالحهم الشخصية، لكن ما أن تنتهي حاجتهم منك حتى يولون الأدبار، و يكتفون بمشاهدتك و أنت تغرق داخل أحزانك التي غالبًا ما يكونوا سببًا فيها.

تتوقف وجوههم عن الإبتسام لك و تحل محل بسمتهم، نظرة اللامبالاة، ينتهي كلامهم المعسول لتسمع عبارات اللوم و العتب، فقط لأنك حزين أو لأنك تمر بمرحلةٍ ما لا تتناسب مع مزاجهم الحالي..!! تختفي عبارات متى سنراك..!! كيف حالك و اشتقنا لك..!! و تأتي عاصفة أخرى من الأعذار لا نهاية لها.. أنا مشغول الآن.. ربما لاحقًا..!!

الغريب في الأمر، نحن من نفتح لهم المجال، ربما لأنها فطرة الإنسان التي فطر عليها، فهو دائم البحث عن شريكٍ يفضي له بهمومه و يشاركه أفراحه، و الجدير بالذكر أن من حسبتهم جميعًا أصدقائك يتركوك سريعًا و يلتفوا حول بعض لخوض رحلة جديدة يسمونها مجازاً صداقة جديدة مع غيرك..!!

بعضهم يدخل حياتنا كالبلسم العليل و إن غابوا تظل بصمتهم حاضرة لما قدموه لنا بطيب أفعالهم و عذوبة حضورهم، و الكثير منهم يقتحمون حياتنا بقلبٍ ظلام و وجه يشبه للأصحاب.

 

د. غادة ناجي طنطاوي