الابتلاء الذي يصيب المؤمن
الإبتلاء يصيب المؤمن على قدر إيمانه، فإن كان في إيمانه صلابة زيِد في بلائه، وإن كان في إيمانهِ رقة خُفف في بلائه، حتى ما يتجّلى عنهُ البلاء ، ويذهب إلا وقد حطت خطاياه كلها ، ويمشي على الأرض ليس عليه خطيئة ، البــــلاء سُنَّة الله الجارية في خلقه ؛ فهناك من يُبتلى بنقمة أو مرض أو ضيق في الرزق أو حتى بنعمة ، فقد قضى الله عزَّ وجلَّ على كل إنسان نصيبه من البــــلاء؛ قال تعالى {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[الإنسان: 2,3] ..
فمنهم من سيفهم حكمة الله تعالى في ابتلاءه، فيهون عليه الأمر ، ومنهم من سيجزع ويتسخَّط، فيزداد الأمر سوءًا عليه ..
إن كرب الزمان وفقد الأحبة خطب مؤلم ، وحدث مفجع، وأمر مهول مزعج ، بل هو من أثقل الأنكاد التي تمر على الإنسان نار تستعر ، وحرقة تضطرم تحترق به الكبد ويُفت به العضد إذ هو الريحانة للفؤاد والزينة بين العباد ؛ إن مما يعزي النفوس عند نزول الشدائد ، ويصرف عنها موجة الألم لفواجعها ونكباتها الأملَ في فرج الله القريب ، والثقة في رحمته وعدله ؛ إذ هو -سبحانه- أرحم الراحمين، ومن رحمته لعباده أنه لا يتابع عليهم الشدائدَ، ولا يكرههم بكثرة النوائب، بل يعقب الشدة بالسعة والرخاء ، والابتلاء بالرحمة وسابغ النعماء، كما قال -عز وجل-: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5-6] ، فقد تكرر اليسر بعد العسر مرتين، ولن يغلب عسرٌ يسرين، وحيثما وجد العسر على تنوع ألوانه واختلاف دروبه ، وجد إلى جانبه يسرٌ ينفث الكربة ويجبر القلب ، ويواسي الجراح وينسي الآلام ، ويذهب الأحزان خاصة حين يلجأ المؤمن في شدته وبلائه إلى ربه، ويسأله أن يبدله من بعد شدته رخاءً، ومن مجالب أحزانه وبواعث همه فرجاً ويسراً..
” جعلنا الله وإيِاكم من الصابرين”