|

كرموهم قبل أن يرحلوا .

الكاتب : الحدث 2022-02-17 09:29:13

فقدت الساحة الفنية في العامين المنصرمين نجوم وقامات فنية عظيمة أضافت لعالم الفن الكثير من الأعمال الخالدة والمرتبطة بذكرياتنا أو بطفولتنا و أسسوا نهجهم في التمثيل وأصبحوا بمثابة مدارس فنية للأجيال القادمة ، رحلوا عن عالمنا وفقدناهم بشوق يصحبهم أينما كانوا ، ولكن في كل مرة تفقد فيها الساحة الفنية نجم من نجومها ابحث عن أي تكريم للفقيد في حياته فنادرًا ما نجد لهم تكريم بل على العكس نجد تأبين لهم فقط !! لماذا هذا الجحود لما قدمه الفنان على مدار سنوات أسعدنا فيها وأمتعنا وقدم لنا من عمره ما يخلد اسمه في ذاكرتنا لعقود وأقصى ما نقدمه له عرفانًا وتقديرًا لما قدمه بتأبين أو تكريم بعد وفاته !!!

اتهمت نقابة الممثلين في دولة مصر الشقيقة بأنها لا تهتم بتكريم الفنانين إلا بعد وفاتهم وهذا ما اعترض عليه الأستاذ أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية نافيًا هذا الاتهام ووصفه بأنه مقولة معلبة ، بحجة النادر والقليل الذي استند عليه الاستاذ أشرف حينما ذكر تكريم الفنان عزت العلايلي في حياته واسترسل أيضًا بتكريم السيناريست وحيد حامد وأيضًا الفنان يوسف شعبان في تبيان لتكريم الفنان قبل رحيله على أثر ذلك عايش الفنانين الكبار التكريمات قبل رحيلهم متناسيًا أننا عايشنا رحيل نجومها قبل أن يذكروا ولو بدرع شكر وعرفان وقد ساعدتنا على ذلك وسائل التواصل الاجتماعي في تعريفنا بتكريم الفنانين وانتقال المهرجانات إلى المملكة العربية السعودية في محافل عظيمة تكرم فيها جيلين بين المخضرمين وجيل الشباب في بادرة لتعريف الناس على أن المهرجان يعتني بالفن والفنانين ولكن أين جيل الرواد في المهرجانات ؟! في دلالة مهمة جدًا لتجديد المكون الفني في الجيل الجديد وهذا لا يغنينا من تتويج جيل الرواد في تلك المحافل عرفانا لما قدموه في حياتهم من تأسيس وفن .

في مشهد محزن نرى دنيا سمير غانم تنهار باكية خلال تكريم والديها في حفل افتتاح المهرجان القومي للمسرح حيث استلمت الدرع في حفل الافتتاح التي سميت الدورة الحالية باسميهما ( سمير غانم ودلال عبدالعزيز ) ، ماذا تعني لنا هذه الحادثة ؟ بدأ من الدائرة الداخلية وعلى مستوى مناطقي نضرب مثالًا عل رحيل المخرج عبدالخالق الغانم (رحمه الله) أتحفنا في مواسم مسلسل طاش ما طاش الرمضاني وتوفي بعد صراع مع المرض ، أقصى ما قدم له تأبين وكلمة من زملائه الفنانين عرفانًا له على ما قدمه طيلة هذه السنين!! من المؤسف جدًا أننا لا نقدم لهم سوى التقدير والاحترام أبان تأبينهم فقط ولا نهتم بالوثائقيات لتعريف الجيل الجديد بما قدموه الرواد في الماضي ناهيك عن ما يعانيه بعض الفنانين في فترة ابتعادهم لأسباب صحية من تجاهلهم وإبعادهم عن الساحة والتقصير في الاهتمام بالسؤال عن حالتهم من باب العرفان والتقدير كحالة انسانية هذا ما ذكره الفنان الراحل نور الشريف في غصة ظاهرة في صوته أثناء اللقاء التلفزيوني ، وهذا لا يخص اللجان المسؤولة عن التكريم بل حتى زملاء الكفاح الذين ولوهم ظهورهم في فترة العزلة الصحية وتوقف أعمالهم ، ومعاناة البعض منهم من حالات اكتئاب شديدة جدا كما حدث مع الفنان عبدالرحمن أبو زهرة بسبب الإهمال من المنتجين الجدد والإحساس بالغربة في الساحة الفنية .

كذلك أعرب الفنان الكبير حسن يوسف عن غضبه الشديد تجاه ما يعانيه هو وجيل الرواد من المخرجين وشركات الإنتاج من تجاهل تام للفنانين عند تقدمهم في السن أو بسبب الحالة الصحية لهم وهذا ما حدث مع الراحلين عزت العلايلي ويوسف شعبان وهذا ليس بالتعميم أو الإجماع ولكن كصفة عامة وغالبية في الوسط الفني ، فلا زال بعض الفنانين الخليجيين يستمرون في العطاء ويحضون على نفس الاهتمام رغم سنهم إلا أنهم لا زالوا فاعلين واصبحت اسمائهم عظيمة ، ففي هذا السياق يجدر بنا أن نذكر حادثة الفنان الراحل محمود الجندي حين تم تكريمه في مهرجان للهواة بعدان تجاهلوه في المهرجانات الرسمية بعد مشوار استمر ٥٠ عامًا .

تكريم الفنان في حياته أعظم أثر عليه من أن يكرم بعد رحيله وتقديرًا لجهوده فيما أفناه من عمره بما قدمه للساحة الفنية وأثرى الأرشيف الفني كل تلك السنوات بأعماله الفنية والأدبية ، يتوجب علينا ان يتقدم المناسبات الفنية والمهرجانات ويحظى بالاهتمام في الوسائل الاعلامية ولا ريب في  مهرجان يتوج فيها الرواد عرفانًا لما قدموه كباقة شكر وتقدير لهم ولجهودهم ، وكذلك زملاء الكفاح يتوجب عليهم الاهتمام بهم والتواصل المستمر معهم لحاجتهم لذلك بعد هذا العمر وهذه المسيرة الحافلة ولا نكتفي فقط بذكرهم في الندوات والمؤتمرات وهم أحياء يرزقون بل يتوجب علينا تقديمهم بمكنون فني لائق في كل المحافل الفنية .

تكريمهم واجب علينا قبل ان يغادرونا آسفين وناقمين .

عارف البحراني