|

حامد أبو طلعة (الحداثة في إطار العمود)

2019-04-18 05:46:25

يعد الشاعر العربي السعودي (حامد أبوطلعة)
من شعراء القصيدة الكلاسيكية العمودية التي تزخر بمظاهر الأصالة العربية من النواحي البنيوية لهذا النوع من القصائد إلا أن المختلف الذي ميزه عن بقية أقرانه شعراء هذا العصر هو ما قد امتاز به من محاولة للدمج بين أصالة روح القصيدة وروح الحداثة في الشعر ..روح هذا العصر بقالب عصر السالفين ….
تعتبر نصوص حامد أبو طلعة الشعرية من النصوص الثرية بمعانيها المتعددة بصورها الشعرية الأخاذة حتى أن بعضاً منها يكاد أن يكون صالحاً كمادة تدريس لطلبة الشعر في المحافل التعليمية لما فيه من نضج واضح في الرؤيا الفكرية وصلابة في بناء القصيد العمودي. فليس هناك ما يترنح أو يتمايل فيما يسطره لنا الشاعر في أبياته . بل إن جميع ما قد قرأناه له يأخذ طابع الصلابة والمطاولة .. وهنا تشخص فروسية الكلمة النابعة من القلب القوي بالإيمان وصلادة الموقف (لقد اقترنت كلمته بموقفه) و(اقترن موقفه بالكلمة التي يعبر بها عنه).
لقد استطاع حامد أبو طلعة خلال فترة وجيزة من الزمن أن يختار لنفسه الهوية من خلال تمكنه من تطويع مفرداته وتسخير قدراته الشعرية بالكيفية التي صنع منها لنفسه تلك الهوية الملفتة للنظر .ولا أكتم القارئ سراً أن هذا الشاعر فرض نفسه وشاعريته على الآخرين من خلال هويته التي اختارها لنفسه كشاعر . من هذا فإن القارئ المتابع لأعمال الشاعر لا يجد صعوبة في التعرف على عائدية نصوصه إليه بمجرد أن يقرأها ولو لمرة واحدة فقط حتى وإن لم يضع الشاعر لها توقيعاً بإسمه. فإن كل كلمة في نصوصه تعلن بصريح العبارة أنها تنتسب إليه مفاخرة بهذا الانتساب .
إن تلك الهوية المختلفة عن غيرها بالرغم من أنها حديثة عهد إلا أنها قد أثبتت تمكنها من الصيرورة والبقاء بل والتطور ..فلقد كان للنصوص الحديثة للشاعر حامد أبوطلعة معالم نضوج واضحة عن النصوص الأولى بما يزيد لهويته الأدبية رونقاً إلى رونقها ودعامة إلى دعائمها، لم يخرج الشاعر عن لون هويتها الأدبية ولم يجتر ملامح هذه الهوية لينسفها بل وضع ما يؤطرها بإطار جعلها ذات جمالية ومتعة في وقت واحد ولقد حصل هذا من خلال تطور الشاعر في التمكن من أدواته الشعرية ومن رغبته في أن يخلق لنفسه عالماً خاصاً به يحمل معه تلك الهوية مشاركةً ومناصفة.
ومن خلال متابعتي لأعمال هذا الشاعر المجد في علمهِ وعملهِ المثابر في شاعريته وشعره فلقد وجدت ان هناك ما يُثيرني ويفتح شهيتي للتنبؤ بأن حامد أبوطلعة سيكون من الشعراء الذين أسسوا للشعر مدارس تدرس فيها أساليبهم ومانهجوه من نهج في حياتهم الأدبية وأعتقد بأن معطيات هذا التنبؤ لم تكن واهية بل إنها معطيات ثابتة واقعية لايختلف عليها اثنان ممن قد حدَّقوا بما جاد به أبوطلعة من أعمال شعرية ملأت المحافل الأدبية ببريقها وألقها وعبقها.
حامد أبوطلعة من الشعراء الذين أجد أن لا مناص من أن أتشرف بالتقديم لأعماله الشعرية الحرية بالدراسة والتمحيص لما تحمله هذه الأعمال من معانٍ عظيمةٍ ومن مساحاتٍ وامتدادتٍ فكريةٍ لايُستهان بها.
ولست هنا من خلال هذه المقدمة ساعياً لتقديم الشاعر إلى الملأ أو لأروج عن عبقريةٍ فكرية ٍجديدة فليس ذاك من أهداف مقدمتي إلا أنني أهدف إلى أن أطمئن الجيل بأن هناك من قد تمكن بالفعل من رفع راية الشعر في هذا العصر ومنحها ماتستحقه من التضحيةِ في سبيل بقائها مرفرفة بسماء العرب.
ولأشحذ في الشباب همة ( حامد أبو طلعة ) باعتباره أنموذجاً من نماذج العطاء العربي الزاخر ومثالاً حياً من أمثلة الإرادة الصلبة والعزيمة المتقدة ليتمكنوا من أن ينهجوا ذات النهج سعياً لما سعى إليه ومازال.
بقلم علاء الأديب
العراق_بغداد