|

حلم الصغر أكذوبة الغد

2019-04-29 05:36:59

حبوت على أرض بيتٍ اشتاق للأحفاد لبرهةٍ طويلة، فكنت الطفلة المدللة، خصوصًا و أن أبي كان آخر العنقود.. طفولتي كانت هادئة، لم أكن أشبه غيري من الأطفال في هدوئي الملفت للنظر، لكن كأي طفلة، كنت أحب اللعب و مشاهدة أفلام الكرتون.

و هنا تبدأ القصة.. كم كان تأثير أفلام الكرتون كبيرًا على طفلة لم يتعدى عمرها عشر سنوات، كنت استمتع بمشاهدة جراندايزر الذي تربى عليه معظم أبناء جيلي و لا زال يردد أغنية المقدمة حتى الآن، كنت أعتقد بأن الكائنات الفضائية ستغزوا كوكب الأرض يومًا ما و أني سأصبح ماريا أو هيكارو، و عندما كبرت أصبح الأمر مضحكًا بالنسبة لي، عرفت بأنه لا يوجد في فضائنا الخارجي سوى النجوم و مجرات أخرى.. حلقت مع سندباد في عالمه الساحر، و كنت أتسائل عما اذا كانت هناك حوريات بالفعل و طائر يسمى العنقاء، كنت أسأل أمي باستمرار عنها و كانت تضحك، و عندما كبرت تعلمت أن هناك أساطير و خرافات و عالم سندباد كان ملئ بها.

حتى في طفولتي كنت أعشق الثلج، و تستهويني القرى الصغيرة و ما فيها من سحر الطبيعة، و كانت حلقات بسمة و عبده خير ما يشبع فضولي عن فصل الشتاء و عن وضع القرى، نشأت معي فكرة بيوت الشجر و أواني الأكل الخشبية، مدفأة الحطب و القناديل الليلية، و عندما كبرت اكتشفت بأنه لا يوجد بيوتًا في الأشجار فقرية بسمة و عبده كانت قريةً للأقزام.. عشت لفترةٍ طويلة وأنا مؤمنة بأني لو سقطت من الطائرة سأقع في حضن الغيوم بسبب حلقات الدببة الطيبين، و كنت أتعجب من خوف الكبار حال سماعهم بحادث طائرة وقعت، كبرت و تعلمت أنه لا يوجد أحضان للغيوم، و سقوط الطائرة يعني كارثة..!!

و في ظل جميع ماذكرت تبقى لي حقيقة واحدة، قصة فلونة روبنسون كروزو، العائلة السويسرية التي هاجرت إلى استراليا و غرقت بهم السفينة، و اتخذوا من جزيرةً مهجورة بيتًا لهم و استفادوا بما جادت به الجزيرة عليهم، فتعلمت منها معنى الصراع من أجل البقاء .

الشاهد في الموضوع، ليس كل ما نحلم به في الصغر نجده واقعًا في الكبر، فهناك أحلامٌ كثيرة وردية حلمنا بها و كبرنا لنتفاجأ بأنها مجرد فقاعات اصطدمت بجدار الحقيقة و تلاشت في الهواء.