في الفترة الأخيرة ضج تطبيق السناب شات بالمتردية والنطيحة في من يدعون صناع المحتوى الكوميدي ! قبل البت في كتابة المقال تابعت بعض الحسابات المشهورة التي تدعي أنها تصنع محتوى كوميدي حتى أكتب هذا المقال بمصداقية ومتابعة لمدة شهرين بشكل يومي فوجدت ما يندى له الجبين بين سخافة وتصنع وتملق وتبادل ضحكات بينما أنا في قمة الملل ، لا أريد أن أعمم ولكن الأغلب في مستوى متدني من التمثيل والتصنع ومقالب مفتعلة وردود فعل غير حقيقية على الرغم من أن البعض لديه قناة في اليوتيوب ويعرض محتوى أفضل بكثير مما يعرض على السناب شات ، ناهيك عن البعض يصطنع الضحكات المزيفة في استجداء لإضحاك المتابع وعلى الرغم من أن فئة المتابعين في الأغلب مراهقين وأطفال في تزامن غريب في المحتوى وكأن الكوميديا محكورة في مقالب مملة وصفيقة في محاولة مستميتة للبقاء على الساحة مع العلم أن هناك حسابات ممتعة حقا سواء على المستوى المحلي أو الخليجي على الرغم من أن البعض حقًا يقدم محتوى كوميديا سوداء بدون أي تهريج أو استخفاف بالذات من أجل الشهرة .

على سبيل المثال لا الحصر، حساب أسامه الراشد يقدم كوميديا وقضايا بقالب كوميدي بحت ويقول ما يدور في خلدنا من بعض المواضيع ويضحكنا ويسعدنا بما يقدم من الدون التهويل في اللبس أو الاستعباط أو حتى تغيير الصوت والشكل ، ويظهر لنا دومًا بمواضيع بقالبه الخاص من الكوميديا اللطيفة المتقبلة لدى جميع فئات المجتمع ولا ننسى أن مستوى متابعيه بين الشخصيات الناضجة وبين المشاهير وكذلك في الوسط الفني وهذا دليل على أن ما يقدمه صادق وبسيط وعلى الفطرة مما يتسنى له الدخول في القلب دون أن يطاله النقد أو التذمر أو رفع قضايا بسبب لفظ او فعل ، على خلاف صناع المقالب المفتعلة السقيمة المملة بإسم الكوميديا وللأسف نجد من يعطي هؤلاء قيمة مجتمعية كناشط اجتماعي أو حساب مقالب او حساب كوميدي .

لن أعمم وهذا ليس اسلوبي ولكن ما أراه يستحق أن يقال فيه كلمة حق مع تعدد القروبات الكوميدية الكثيرة التي توحي لي من الوهلة الأولى انها تسعى للشهرة ولو كان ثمنها المجتمع او الكرامة ، فتخرج الرويبضة بكل وقاحة في قياس ما تقدمه من مقالب فجة رخيصة مصطنعة وصفيقة بالمقارنة بينها وبين عمالقة الفن بحجة أنها تقدم نفس المحتوى وأن ما تفعله هو نفس ما فعله الفنان عبدالحسين عبدالرضا او الفنان عبدالعزيز النمش !!! عجبي .. من انت وما هو محتوى حسابك حتى تقارن نفسك و محتواك بمن كانت هذه مهنته يقدمها على شاشات التلفزيون وعلى خشبة المسرح وهناك فريق خلف الكواليس ورقابة ونضج فني ولا يحق لكم مقارنة ما يقدموه بما تقدموه انتم يا صناع "التفاهة" ، والأعجب من هذا هو استضافة القنوات الفضائية إلى هؤلاء وصناعة نجوم وقدوة للمجتمع !! في الجانب الأخر هناك من يتم سحقهم من قامات علمية وبحثية وتاريخية واستبدالهم بمن لا يغني ولا يسمن من جوع ولا يثري الساحة الفنية والاجتماعية ولا حتى على مستوى مناسبة كما حدث في مهرجان التمور بالأحساء من استضافات لمشاهير وفنانين بدون تعميم ولكن الأغلب لا يضيف شيء للمناسبة ولا للمنطقة بل على العكس بعض الشخصيات وجودها كان مثيرًا للجدل والاستهجان ، من هو الشخص المسؤول عن الدعوات ؟ وبناءًا على ماذا استند على اختيار الدعوات ؟ وماذا ستضيف للمهرجان ؟ لماذا يتم تصدير المشاهير بمناسبات لا تمت بصلة لنشاطهم؟  وكأن المنطقة برمتها تخلوا من المحتوى الرصين المناسب لتاريخ المنطقة ونشاطها وعمق ثقافتها ، وكأن هذه الشخصيات أهم من الحدث نفسه .

مشاهير الصدفة أو مشاهير السخافة يتصدرون الموقف بسبب عزوف أصحاب المحتوى المميز مما اخلى لهم الساحة بالعبث المستمر ودخول بيوتنا بحجة القبول أو الرفض او الفضول وليس بالضرورة التأثر بالمحتوى أو الشخصية ، في سباق مستمر لتصدر هؤلاء للساحة وفي المناسبات الثقافية والاجتماعية على المستوى المناطقي أو المستوى الدولي ، وإن دل هذا على شيء يدل على تدني المستوى الفكري والثقافي في البلدان العربية في تسابق مخيب للآمال وراء الفيديوهات الغير هادفة كمطلب جمهور هذه الفئة من المحتوى في تصنيف لها لفيديوهات ترفيهية ومسلية بينما نحن نصنع نجوم من باب الفضول أو الاستهجان وهذا ما يصنع لهم مشاهدات عالية فيبدأ المشهور بالترويج لنفسه من خلال كلمة صانع محتوى!!! ما هو محتواك ؟ مقالب وسخافة وتعليم لغة في يوم وبقية الأسبوع ترفيه سخيف ؟ أو صناعة مقالب مفتعلة وسقيمة ؟ ماذا يجري حولنا ؟ من هؤلاء ؟ أم أن التكنولوجيا ساهمت في إبراز هؤلاء وبسط السجاد الأحمر لهم على بوابات الشهرة ؟ المقالب بشكل عام محط سخرية اجتماعية (( الفبركة الغبية للمقالب )) ، نحن نحتاج إلى الترفيه والحسابات الكوميدية ولكن نرفض أن تنسب إلى الفن الكوميدي أو حتى ترفيهي ولكن ما يحدث في وقتنا الحالي من شهرة واسعة النطاق لتوافه المجتمع وتهميش الأعلام الثقافية والعلمية والاجتماعية بحجة المتابعين !!! واقحمهم أيضًا على شاشات التلفزيون والسينما والبرامج والمسرح !!! لماذا؟ ماذا يحملون من فكر ومن محتوى كي يقدم للعموم في برامج مهمة ؟ 

علينا مواجهة ظاهرة شهرة الحمقى بتجاهلهم لكي لا يعلوا شأنهم ويصبحوا قدوة للأجيال القادمة فقد تقدم الغرب بمحاربتهم في اطلاق حملة ((لا تجعلوا من الحمقى مشاهير STOP MAKING STUPID PEOPLE FAMOUS))  لكن لا يمكن أن نحارب هذه الظاهرة المستندة على الجهل دون محاربة اجهل نفسه ، وتجنب استدعاء هؤلاء للمناسبات على المستوى الفكري والثقافي والتاريخي لعدم المنفعة المرجوة منهم فيما يخص المناسبة سوى استقطاب من هم على شاكلتهم ومن متابعيهم من المراهقين والأطفال ، يجب علينا أو نوكل الدعوات إلى مختصين وليس أصحاب أهواء ، هذه المناسبة التاريخية ليست ملك لك كي تدعوا من تشاء لها وتفضلها على من شرف البلد وقدم لها العلم والثقافة وكان محط فخر لنا لتقدم عليه صناع التفاهة والمحتوى السخيف وتضع من ليس له موضع مقدمة المجلس ، كما حدث أيضًا في مهرجان البحر الأحمر السينمائي تم دعوة من ليس له علاقة بالسينما والفن وتواجدوا على البساط الأحمر كنجوم بينما في الجانب الآخر نجوم لم يتم دعوتهم بشكل لائق ومنهم من لم يتم دعوته أصلًا.

أرجوا أن لا نكون نحن من صنع هؤلاء وأن فعلنا فيا رب اغفر لنا خطايانا .     

عارف البحراني