|

الموجود مفقود..

2019-06-17 05:27:32

من منا لم يلعب لعبة الغميضة في الظلام عندما كان طفلًا..؟؟ مجموعة من أطفالٍ صغار، في حجرة مظلمة، طفلٌ منهم معصوب العينين يحاول أن يمسك بالآخرين الذين يحاولون الهرب منه.. قانون اللعبة ذكرني بقانون نتبعه جميعًا في الحياة.. لماذا نبحث عن ما نحتاجه في حين أنه من الممكن جدًا أن يكون أمامنا و أقرب مما نتخيل.

عندما كبرت علمت بأنه في أغلب الأوقات، ما تبحث عنه موجود أمامك لكنك لا تشعر بوجوده، قد يكون السبب هو عجلة الحياة التي تدور بسرعة، و اقتضت تَحَوُّل كل الأمور بما فيها العلاقات الإنسانية إلى حالات رقمية و روابط انترنت لنواكب العصر .

حينما تفرغ من قراءة المقال و في لحظة هدوء مع نفسك، ستكتشف بأنك كل صباح تستيقظ على شاشة هاتفك المحمول، لتتفقد حال الأصدقاء و بعض الأخبار، و أنك تتواصل مع أصدقائك في العمل عن طريق الواتسب أو الإيميل، على الرغم من جلوس بعضهم معك في نفس المكتب أو وجودهم في نفس المناسبة الإجتماعية، ستتذكر بأنك إن لبيت دعوة أحدهم ستتصل به عندما تصل عند باب بيته عوضًا عن دق الجرس، و سيخطر ببالك عدد أصدقاء فقدت التواصل معهم ببساطة لأن ليس لديهم مواقع تواصل اجتماعية تجمعكم سويًا.

عندما كنا صغارًا لم يكن هناك فيسبوك أو انستجرام و لا حتى واتسب، و كانت أصواتنا عبر الهاتف هي طريقة اتصالنا الوحيدة للإطمئنان على من نحب، و برغم بعد المسافات و صعوبة اجراء المكالمات في بعض الوقت الا أنهم كانوا أقرب للقلب، لأن الإحساس كان سيد الموقف، بعكس ما يحصل الآن، سهولة الإتصال بالصوت و الصورة في أي وقت و في أي مكان جعلت من أحاسيسنا البسيطة أحاسيسًا رقمية، و ارتبط إسم كل عزيز و غالٍ لدينا بقائمة من حسابات مواقع التواصل الإجتماعي، لو فقدناها فقدنا الإتصال بهم على الرغم من وجودهم حولنا و بالقرب منا.

ستخبرك الحياة بأن ما تبحث عنه غالبًا يكون موجود أمام عينك، لكن انشغالك بأمورٍ أخرى يعيقك عن رؤية الأمور بشكلٍ واضح، و المضحك في الأمر أن صاحب الشئ المفقود هو الوحيد الذي لا يراه، و جميع من حوله يرونه واضحًا وضوح الشمس، الحياة تجارب وعمل واختبار والنتيجة يوم الحساب .

د. غادة ناجي طنطاوي