|

هويةٌ و انتماء

2019-08-28 04:53:36

لم تقف اليابان مكتوفة الايدي بعد الحرب العالمية الثانية , ولم تسمح لحضارات الدول الاخرى أن تمتزجَ كُلياً معها في مرحلة الضعف تلك , بل انعزلت انعزالاً يُعيد لها المكانة , و يُحيي لها الهوية الوطنية والاقتصادية من جديد.
والمتأمل فيما احدثته بعد ذلكَ من تطور و ثورة صناعيه , يُدركُ حجم التكاتف وروح الانتماء لهذا الشعب , واعتزازهم بحضارتهم وثقافتهم العريقة , التي لازالت حتى وقتنا الحاضر محط انظار , بالوقت الذي تواءمت فيه مع الانظمة العالمية دون المساس بثوابتها .
فَالهوية , ليست بطاقةٌ ذا إطار , دوْنَ بها اسمٌ وتاريخُ ولادةٍ واصدار, فليسَ من الضروري ان كل من يحملها سيُطبق من خلالها الولاء .
الهوية هي مفتاح الشخصية وبوصلة الفرد , و ما يحمله من قيمٍ ومبادئ رُسخت بهِ منذُ الصغر , هي السمات التي تُميز جماعة في مجتمعٍ ما عن غيرها في مجتمعٍ اخر لغوياً و ثقافياً واجتماعياً وعلى مستوى العقائد ايضاً.
فما يُميزنا عن الدول الاخرى أنه وأن تعددت اللهجات والمذاهب , تجمعنا هوية راسخةٌ في الثبات ذات طابعٍ إسلامي , كانت وستبقى بإذن الله سبباً في بقاء هذا الكيان .
فالمملكة في ظل الانظمة الحديثة تشهد انفتاحاً في شتى المجالات على الثقافات الاخرى , ولا ضيرَ من ذلكَ بالتأكيد , فالتغيير ومواكبة عجلة التنمية امرٌ مطلوب ,ولكن دون الانقياد والانصهار التام بما تُخلفه الثقافات الدخيلة على موروثنا وثقافتنا الأم .
أن تُواكب التغيير لا يعني أن تُلغي هويتك , أن تستبدل الثوابت وتتبع الدخيل الذي قد يُميع انتماءك لوطنٍ رُبيتَ فيه وديناً فُطرت عليه , مواكبة التغيير لا يعني أبداً أن نُصبحَ نُسخاً صماء على أرفف العالمية .
فاليوم كثيراً ما نرَ التجديد على كافة الأصعدة في حياتنا اليومية , ونرَ ايضاً مظاهر ليس لها صِلةٌ لا بحضارةٍ و لا ترتقي ليألفها ذوقْ .
و ليسَ من الضرورة أن يطال التغيير هوامش نقتنيها لنُصبحَ في مصافي الدول المتقدمة , فلا تعتقد أن انجرافكَ التام خلف كل ثقافة بصرف النظر عن منشأها , والتنكر والتقليل من شأن ثقافتك وحضارتك أنكَ سَتُحدث ثورة صناعية وقفزة اقتصادية , فحضارتنا الاسلامية قامت بعلومها ومعارفها وابتكاراتها دون تبعية , مما جعل الغرب يشدوا إليها الرحال لينهلوا من معينِ هذهِ الحضارة الفذة .
فما نراهُ لديهم في عصرنا الحاضر من تقدمٍ وعلوم , هو نَتاج الحضارة البِكر التي جُلبتْ – سُلبتْ – وطورتْ لتصلَ إلينا بهذهِ الدهشة , فلننظر إذاً فيما نفتَخر ..!
.
.
خلاصة القول :
هويتكْ هي مرآةٌ لحقيقتك وانتماءك , و ساعة “الروليكس” في معصمك صدقني لن تؤثر وتُحرك في انظمة العالم ثانية , مالم يفعلهُ عقلك و تطمحُ لها رؤاكْ ..