|

السعودية تضرب المحافظة الإيرانية رقم 32 بيد من حديد

الكاتب : الحدث 2021-11-02 10:47:28

"إذا أكرمت الكريم ملكته وإن أكرمت اللئيم تمردا"
كم يشبه النصف الثاني من هذا البيت للمتنبي، جورج قرداحي وباقي ملوك الطوائف والطبقة السياسية الحاكمة في لبنان.

رغم اعتراف قرداحي بلسانه بأنه لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بفضل الإعلام السعودي، إلا أنه جحد وطغى وتجبر ونكر جميل من مدوا أيديهم له، وحوّلوه من إعلامي مغمور إلى إعلامي من الدرجة الأولى عربياً وليس لبنانياً فقط، فقرداحي الذي تم تعيينه كوزير للإعلام بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مهمته الفعلية تكمن بتقديم صورة إيجابية عن لبنان وسياسته وشعبه أمام العالم، كونه المسؤول الأول والأخير باسم لبنان إعلامياً، وهذا يدفعه للحفاظ على توازنات الإعلام اللبناني، بحيث يضمن تقاربه من الدول ككل، ويزيد من متانة علاقات لبنان مع الدول الصديقة وتصحيح كل الأخطاء السابقة، إلا أن قرداحي غرد بعيداً جداً خارج مهامه، ووصف حرب اليمن بالعبثية، مدافعاً بتصريحاته عن ميليشيا الحوثي، الذي اعتبرها تدافع عن نفسها رغم انقلابها على الشرعية، ضد الاعتداء السعودي الإمارات كما أسماه، وعلى ما يبدو أن الوزير جورج قرداحي تناسى عمداً الطائرات المسيرة والصواريخ التي يطلقها الحوثي على المملكة مستهدفاً فيها المنشآت المدنية والاقتصادية، حتى أن المدارس نفسها والأحياء السكنية المدنية لم تسلم من إرهاب هذه الميليشيا الإرهابية الإيرانية.

حقيقة لم يكن مستغرباً هكذا تصريح من قرداحي، وهو الذي وصف بشار الأسد عام 2018 بأنه شخصية العام عربياً وبأنه رجل مختلف ونادر، رغم أنه هجّر ما يزيد عن 12 مليون سوري داخل وخارج سوريا، وقتل مئات آلاف السوريين بحربه الهمجية ضد شعبه، ولا ننسى أن قرداحي كان من أكثر الإعلاميين تلميعاً لصورة حزب الله الحاكم الفعلي في لبنان، والمتحكم بسياساته الداخلية والخارجية بأوامر من طهران، التي يميل قرداحي لسياساتها التوسعية الطائفية في المنطقة، فشخص مثله وقف مع كل شياطين الأرض من الطبيعي أن يجحد وينكر ويسيء لمن أكرمه.

فبدلاً من أن يصلح العلاقات السعودية اللبنانية المتوترة آخر السنين، زاد الطين بلة عن قصد وليس عن جهل، ودفع السعودية إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين مع حفاظها على استمرار العلاقات الشعبية، لأنها دولة حكيمة لا تخلط بين الأوراق، ولحقتها باقي دول الخليج بذات القرارات مثل الكويت والإمارات والبحرين، الذين أثبتوا أن السعودية خط أحمر للجميع وأمنها من أمنهم، وأي إساءة لها تعتبر إساءة لكل دول الخليج العربي، فالمملكة سكتت لسنين على إساءات السياسيين اللبنانيين لها ولشعبها وقادتها، وتغاضت كثيراً عن أطنان المخدرات التي هربها حزب الله من خلال صادرات لبنان إلى المملكة داخل الرمان والتفاح والمعدات وغيرها، كل هذا التغاضي لم يكن لضعف السعودية، بل لحرصها على ألا تزيد بقراراتها صعوبة الوضع في لبنان الذي أصبح بعيداً كل البعد عن مسمى دولة، بل هو أقرب إلى مافيا تم تفصيل دولة على مقاسها.

قرداحي فضل إرضاء إيران بدلاً من الحفاظ على مصالح لبنان وشعبه، رغم أنه يعلم جيداً بأن عدد المقيمين اللبنانيين في إيران أقل من 2000 لبناني، بينما عددهم في السعودية لوحدها فقط بعيداً عن باقي دول مجلس التعاون الخليجي 350 ألف لبناني، ويعلم أيضاً أن مساعدات نظام الملالي للبنان كدولة خلال آخر 30 سنة لم يتجاوز ال 50 مليون دولار، بينما مساعدات المملكة للبنان بنفس المدة الزمنية بين إعادة إعمار وودائع في البنك المركزي وتمويل للجيش اللبناني وغيرها الكثير تجاوزت ال 70 مليار دولار، حتى أن الصادرات اللبنانية لإيران تقدر بحوالي 3 ملايين دولار سنوياً فقط، بينما الصادرات إلى السعودية حوالي 375 مليون دولار سنوياً.

كل هذا يجعلنا نتسائل، كيف يفكر ساسة لبنان وكيف يديرون علاقاتهم وتوازناتهم مع الدول، وهم يقولون على لسان قرداحي بأنهم دولة ذات سيادة، رغم أنهم لم يسمعوا بكلمة سيادة ولم يعيشوها بحياتهم، إلا عندما كانوا دولة عربية، لا إيرانية.

على جورج قرداحي وأشباهه أن يعترفوا بأنهم عندما كانوا مندمجين مع العرب كان لقب لبنان "سويسرا الشرق"، والسعودية حاولت كثيراً أن تحافظ لهم على هذا اللقب بدعمها اللا مشروط لهم، بينما عندما أصبحوا تحت وصاية نظام الملالي وحزب الكبتاجون، أصبح لبنان عبارة عن ساحة تدريب للإرهابيين والميليشيات، ومخزن أسلحة، و أكبر "مزبلة" في العالم وهذا ليس مبالغة أو تطاول، فكلنا شاهدنا كمية القمامة في شوارع لبنان وعلى إعلامها هي.

السعودية اليوم قامت بقرارات حاسمة وبطريقة لبقة للغاية تليق بمكانتها كدولة عظمى، والجميع وقف معها، ولكن السؤال هنا، أين إيران ومحورها مما يحدث بعد أن دفعوا لبنان إلى الهاوية؟

 

@AhmadMazen93

بقلم: أحمد مازن