|

أعيدوا لي جدتي

2020-02-12 06:41:31

محاولة تصوير حياتها تصويراً واقعياً دون إغراق في المثاليات، أو جنوح صوب الخيال
تلك الجميلة ذات البؤبؤ العسلي والظفائر السميكة التي تتدلى لأسفل ساقيها
أنها جدتي تركية الأصل سعودية الجنسية جازانية الميلاد والولاء فاتنة القامه والخطوة
فكم أتمني تصوير مجتمع حياتها داخل منزلها الذي يعانق ويتناغم برائحة معتق الصندل والعود واللبان الحضرمي مع رائحة ملابسها المتواضعه ازارا داخلي مطرز بالنقش الهندي المذهب وثوبها ذا القماش السويسري الأصلي ومنديل شعرها الشيفون المتعدد الألوان.
فبعد رحيل جدتي لايعوض غيابها أحد فرحيلها علمني أن الطيبون لا يديمون.
حلو هو كلامها كليلة وقليلة المواعظ تضحك جواهرك
فجدتي ضلت عروس حتى لحظة احتضان كفنها الأبيض .
أتذكر تلك الابتسامة البشوشه وتلك الجبهة المستنيرة
عند غسلها
كيف لا تكون كذلك وهي ذات القلب اللين والحسن الدافئ كيف لا تكون كذلك وهي من تبتسم في وجه الفقير قبل الغني .
افترشت حياتها بالطيب والوقار ومناداة الجار لتتقاسم معه فضائل وحسن الجوار
فقيرة وغنية بشموخ عزتها ليست متعسره أو مستحيله بل كضوء تدويرة البدر منذ أزمان سحيقة
طيبة حينما تسكب الماء لتروي نباتاتها كسحابة تعانق ضباب ينهمر كينبوع الحياة
حوض نباتاتها مترف الحياة مستبشر الأوراق ومثمر حنين وحب .
مجدها بين الخلق شامخ كقبة السماء
عند رحيلها بكى عليها التاجر والفقير حتى الفوال الذي كل صباح تأخذ منه تميس لتغمسه مع كوب الشاي بالحبق شاي حلو كالرحيق .
اعيدو لي جدتي
فسلام حمل الشوق لها وعدد ماتقلد الشفق وجنتها
جميلة الالتفات حياة وممات
في حياتها تتمايل أغصان البشائر والفضائل لها
وعند رحيلها صفقت طيور بيتها بأكف أجنحتها وبشر الماء نبأ رحيلها وكأنها رحلت شهيدة
فبكى الجميع لرحيل نبض وطيبة يانعه تتوشح بوشاح إعجاب كل من عرفها
فقد توجت حياتها تماما كأسمها فزهرة توجتها أزهار الثناء بلآلئ غراء فتكلل رحيلها بزواهر الوفاء .
اعيدو لي جدتي
فأنا اترقب حضن لقائها أو أثر من لدنها يتعلل به خاطري وناظري
فأكملت باكية :

جدتي من أبث بعدك شكواي
طواني الأسى وقل معيني 
أنت يا من فتحت قلبك بالأمس
لحبي أوصدت قبرك دوني

( نوال العمودي )