|

حواراتنا الفكرية ما بين نقد الجهل وتكريسه

2020-02-13 06:29:09

المتتبع للجدل الدائر في وطننا العربي باسم الفكر النقدي وتحت مسمى تجاذب المدارس الفكرية، سيدرك بشكل مباشر بأن هذا الجدل هو أبعد ما يكون عن الفكر النقدي وعمومية الحوار فيه وأقرب ما يكون للانفعال العاطفي والشخصنة التي تأتي تحت لوائه.
حوار النخب الفكرية لدينا لم يعد فكريًا ولا نخبويًا ولا نقديًا، وإنما تحول إلى صراع لغوي يرتكز على لغة هجومية عاطفية، ولغة التخوين والتكفير والإقصاء التي يتضمنها هذا الحوار هي لغة قاتلة للفكر النقدي الذي هو أحد الأسس والمرتكزات المهمة في تطور الأمم، وأحد روافد التحسين والتجديد لديها.
هذا التخوين وإقصاء الرأي الناقد هو –برأيي- جزء من ثقافة قاصرة يعتبر واحدًا منها هذا الرأي الناقد نفسه، بالشكل الذي لا يزال معه هذا الرأي هو انفعالي عاطفي غير موضوعي في الكثير من جوانبه يخرج في مقابله رأي انفعالي عاطفي آخر يقوم بإقصائه وتخوينه وحتى تكفيره أحيانًا.
بهذه الكيفية من الحوار نحن ندور في دائرة واحدة من القصور النقدي، رأي نقدي عاطفي شمولي لا يرتكز على منطلقات نقدية محددة، ورأي إقصائي تخويني شمولي مقابل لا يرتكز سوى على تأويل النوايا، وكلا هذين الرأيين من وجهة نظري هما عبء على المجتمع يساهمان بشكل أو بآخر في تكريس الجهل بدلًا من تشريحه.