|

أم على قلوبٍ أقفالها ..

الكاتب : الحدث 2023-03-04 08:29:36

بقلم / نهاد فاروق قدسي


في كل مرة أقرأ فيها سورة البقرة تستوقفني هذه الآية ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ ، وأشعر أن هناك مايستدعيني لأقف عندها طويلاً ، وأكاد أجزم بأنه من الضروري أن تتدبرها قلوبنا قبل أسماعنا ،، ونتلمس مافيها من معانٍ ؛ لنسدد بصائرنا ونستضيء بقنديلها ونهتدي بهداها .

في هذه الآية توبيخاً لبني إسرائيل وتقريعاً لهم على ما شاهدوه من آيات الله ومعجزاته في إحيائه الموتى ، ولكن لاتزال قلوبهم متحجرةً طاغيةً منكرةً معاندةً وبعيدة كل البعد عن الموعظة والذكرى ، لاتلقي بالاً لما أمامها من الدلائل البليغة والمعجزات الباهرة ، لذا شبه الله قلوبهم في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها، أو أشد قسوة من الحجارة، وإن من الحجارة ما يتفجر منها العيون بالأنهار الجارية ينتفع بها الناس والدواب ، ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء وإن لم يكن جارياً، ومنها ما يسقط من أعالي الجبال خشيةً من الله ورهبة، وليست كذلك قلوبهم!! 

نواجه في حياتنا العديد من المواقف التي تجعلنا نقف عندها وقفة تأمل وتدبر ،، نفكر مليًا ،، ونتساءل مرارًا لما آل إليه حال الكثير من الناس الذين أصيبوا بغلظة القلوب وقسوتها ،، لاتؤثر فيهم آهات أو دموع ،، ولاتهتز ولا تقشعرّ ،، لا تلين لعظةٍ ولاترق لتذكرة ،، قلوبٌ فاقدة الاحساس بل معدومةً منها !! لما تلك القسوة في القلوب وقد خلقها الله وأوجدها بين جنبينا رقيقةً لينةً تفيض حباً ووداً ورحمةً؟!

ألا نعلم أن قلوبنا تلك هي آنية الله في أرضه ،، وأنّ أحبها وأقربها إليه أشفقها ،، أرقّها ،، وأنقاها ، فـ "لنهتم" بإصلاح قلوبنا والمحافظة على سجيتها ،، ونصاعة بياضها لتكون قريبةً من خالقها ،، عامرةً بحبه ،، مستشعرةً ذكره وشكره ،، نسعى بكل ماأوتينا من قوة لنتحرى مايلينها إنْ قستْ ،، ومايجليها إنْ صدأتْ لتستنير بصيرتنا ،، وتطيب سريرتنا ،، وتستقيم من بعد ذلك حياتنا ،، 

وقـفـة تأمـل :

 "ألا وإن في الجسدِ مضغَةً، إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القَلْبُ"