|

"الجوف" تاريخ حضاري واقتصادي مزدهر

الكاتب : الحدث 2021-09-03 04:20:33

بقلم عالم الآثار/ زياد الدليمي


عند ذكر منطقة الجوف، نتذكر تاريخ حافل ومهم لا ينسى مر على هذه المنطقة فهي بوابة العبور الرئيسة من المملكة العربية السعودية الى بلاد الشام وبلاد الرافدين وتحوي الكثير من المواقع الأثرية الشاخصة ،، تقع منطقة الجوف في شمال غرب المملكة العربية السعودية وتعد من احدى مناطق المملكة الغنية بالآثار، بفعل موقعها الجغرافي الذي جعلها تتفاعل مع المجتمعات والحضارات التي سادت منذ قبل الميلاد والآثار الباقية منها في المنطقة أكثر من أن تُحصى، وأشهرها النقوش الحجرية التي تنتشر في أماكن كثيرة من هذه المنطقة ، ويعود بعضها إلى أقدم المستوطنات البشرية في المنطقة مثل تلك الموجودة في قرية الشويحيطة، حيث تبين الشواهد الأثرية والملتقطات من الموقع أن المنطقة مرت بازدهار منذ العصرين الآشوري والبابلي. كما يأتي ذكر المنطقة في المصادر المدونة وفي سجلات ملوك بلاد الرافدين ويعود تاريخ مستوطنة "الشويحطية"، بحسب المعثورات الاثرية فيها إلى العصر الحجري القديم. أما الموقع فهو عبارة عن تجمع لأدوات حجرية منتشرة على جانبي وادي الشويحطية. كما أنها احتوت على مواقع لتصنيع الأدوات الحجرية، مما يدل على استقرار الإنسان والبقاء في تلك المنطقة. وإضافة إلى النقوش الصخرية الشهيرة، يوجد في المنطقة عدد من المعالم العمرانية التاريخية، وأهمها على الإطلاق مسجد عمر بن الخطاب في دومة الجندل، الذي بناه الخليفة عمر رضي الله عنه، عام 16 للهجرة وتنبع أهمية هذا المسجد من كون تخطيطه الحالي هو نفسه التخطيط القديم الأصلي، مما يجعله واحداً من أقدم المساجد في العالم، ونموذجاً حيا لما كان عليه تخطيط المساجد الأولى.
ومن المواقع التراثية الأخرى في منطقة الجوف الاحياء التراثية التي تتميز بالعمارة الحجرية والازقة الضيقة. وكذلك بعض الحصون التاريخية، مثل قلعة مارد الحصينة التي تقع في الطرف الجنوبي للبلدة القديمة بمحافظة دومة الجندل على تل مرتفع، وتشرف على المدينة ويعود تاريخ بناء القلعة إلى قرون عدة تسبق العصر الإسلامي، وأقدم ذكر لها في القرن الثالث الميلادي،،  وكذلك حصن زعبل في سكاكا،  ولاثار الرجاجيل حكايات من حضارات عاشها البشر قبل آلاف السنين، إضافة إلى العديد من المواقع الأثرية المشهورة منها: بئر سيسرا القريب من قلعة زعبل، وسور دومة الجندل وسوقها، وقصر كاف بمحافظة القريات. وغير ذلك الكثير ،،
وأخيرا، لا تمتلك الجوف معالم أثرية وحضارية فقط بل تحتضن مزارع بأنواعها المختلفة، وتضم اكثر من 12 ألف مزرعة لأشجار مختلفة فهي بذلك تكون قد جمعت بين تاريخ حضاري واقتصادي مهم يدل على اهميتها منذ القدم ،،
ولا نستطيع حصر تاريخ منطقة الجوف في مقال واحد لكونه تاريخ حافل ومميز حالة حال كل مناطق المملكة الغنية بالتاريخ والحضارة والتي نبعت من رحم هذه الارض ولم تكن يوما ما حضارة مكتسبة ،،