اوروبا تتجه إلى مضاعفة إنتاج أشباه الموصلات 4 مرات
تستعد المفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها لزيادة الإنتاج الأوروبي للرقائق الإلكترونية بأربعة أضعاف بحلول 2030.
وقال تيري بريتون مفوض السوق الداخلية "هي مبادرة رئيسة لصناعتنا وحاسمة من وجهة نظر جيوسياسية".
وبحسب "الفرنسية"، أضاف المفوض أمس "نريد أن نصل إلى 20 في المائة من الإنتاج العالمي بحلول 2030، مع العلم أن السوق يجب أن تتضاعف بحلول ذلك الوقت لتصل إلى تريليون دولار. لذلك فإن الأمر يتعلق بمضاعفة إنتاجنا في أوروبا بمقدار أربع مرات"، خلال مقابلة مع عدد من الصحف الأوروبية، بما في ذلك "ليزيكو" Les Echos الفرنسية.
يعاني الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي نقصا في أشباه الموصلات التي ازداد الطلب عليها بفضل الرقمنة المتزايدة للأنشطة.
بتمويل جزئي من الصناديق الأوروبية، سيأخذ هذا المشروع - وفق بريتون - شكل "قانون الرقائق"، الذي تستعد المفوضية لاقتراحه من أجل وضع "إطار جديد لتسهيل المساعدات الحكومية لإنتاج أشباه الموصلات".
وأضاف "لن تمنح المساعدات لمجرد تمويل زيادة بسيطة في خطوط الإنتاج الحالية لمواجهة النقص الحالي. في المقابل، ستكون أوروبا حاضرة لدعم الابتكار وإنتاج رقائق الجيل الجديد، سوق المستقبل".
وقال بريتون "إنه يريد أن يجعل الاتحاد الأوروبي الرائد في الأجيال القادمة من الرقائق التي يقل حجمها عن خمسة نانومترات، وحتى أقل من نانومترين".
يأتي هذا الإعلان في وقت يجتمع فيه وزراء الصناعة الأوروبيون الإثنين في لينس في شمال فرنسا في إطار الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
تعتزم باريس الاستفادة من رئاستها لتسريع عديد من المشاريع الاستثمارية الكبيرة التي تسمح للدول الأعضاء بالخروج عن قواعد المنافسة من خلال تقديم الدعم المباشر لصناعات المستقبل الاستراتيجية، ولا سيما أشباه الموصلات.
يأتي ذلك في وقت يسعى فيه الرئيس جو بايدن للاستجابة لإحدى المشكلات الاقتصادية الداهمة حاليا بانضمامه إلى إعلان شركة إنتل العملاقة عن استثمار ضخم بقيمة 20 مليار دولار لإنتاج الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة في وقت يسهم فيه النقص في هذا المنتج في تزايد التضخم.
ويكرر الرئيس الأمريكي أن التضخم المتصاعد في الدولة على ارتباط مباشر بمشكلات سلاسل الإمداد العالمية، ويحض الصناعيين على إعادة مراكز الإنتاج ولا سيما صناعة أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة.
وأثنى بايدن أخيرا على مشروع إنتل، معتبره "استثمارا تاريخيا حقا من أجل الولايات المتحدة والعمال الأمريكيين".
وأكد متحدثا إلى جانب بات جيلسينجر رئيس مجموعة إنتل بعد لقاء في البيت الأبيض، أن إدارته ستواصل "استخدام كل الأدوات التي في متناولها.. لتعزيز صمودنا الاقتصادي وصنع مزيد في أمريكا، لأن ما هو على المحك في نهاية المطاف هو أمننا القومي وأمننا الاقتصادي".
والرقائق الإلكترونية أساسية في عدد كبير من القطاعات والمنتجات التي تراوح بين السيارات والهواتف الذكية مرورا بالتجهيزات الطبية حتى الأدوات الكهربائية المنزلية.
وأوضحت "إنتل" أنها ستباشر نهاية العام بناء مصنعين لأشباه المواصلات على مقربة من عاصمة ولاية أوهايو، بهدف بدء إنتاج الرقائق الإلكترونية ابتداء من 2025.
وعلق البيت الأبيض في بيان "الإعلان هو آخر مؤشر إلى التقدم في جهود إدارة بايدن وكامالا هاريس نائبة الرئيس لتسريع الصناعة الوطنية للمنتجات الأساسية مثل أشباه الموصلات، من أجل معالجة نقاط الاختناق في سلاسل الإمداد على المدى القريب، وإحياء قاعدتنا التصنيعية وإنشاء وظائف جيدة هنا، في بلادنا".
وتعتزم "إنتل" توظيف ثلاثة آلاف موظف جديد في هذه المواقع التي سيتطلب تشييدها سبعة آلاف عامل بناء.
وتسببت الزيادة الهائلة في الطلب في ظل تفشي وباء كوفيد - 19 في نقاط اختناق في سلاسل التوريد، ترغم الشركات على إبطاء إنتاجها في كل أنحاء العالم وتتسبب في زيادة معدلات التضخم.
وذكر البيت الأبيض أن "الولايات المتحدة كانت فيما مضى تتصدر العالم في الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات. لكن خلال العقود الماضية، خسرت الولايات المتحدة أسبقيتها، تراجعت حصتنا من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات من 37 في المائة إلى 12 في المائة فقط خلال الأعوام الـ30 الأخيرة".
ويشير المستشارون الاقتصاديون للرئيس الأمريكي إلى أن ثلث الزيادة السنوية في الأسعار العام الماضي كانت ناتجة "فقط من أسعار السيارات المرتفعة"، وهو القطاع الأكثر تضررا جراء أزمة الرقائق الإلكترونية.
وصادق مجلس الشيوخ في حزيران (يونيو) على قانون حول الابتكار والمنافسة، وقال البيت الأبيض "إن الإدارة تعمل مع مجلسي النواب والشيوخ لإقرار هذا التشريع بشكل نهائي".
وأوضح البيت الأبيض أن النص يتضمن تمويل "قانون رقائق من أجل أمريكا" بمستوى 52 مليار دولار "لاجتذاب مزيد من الاستثمارات من القطاع الخاص والحفاظ على الريادة التكنولوجية الأمريكية".
مع اشتداد الأزمة الصحية التي سلطت الضوء على التبعية الصناعية لآسيا، باتت الحكومات خصوصا في الولايات المتحدة وأوروبا حريصة على تأمين إمدادها بأشباه الموصلات بعد أعوام انتقلت خلالها مراكز الإنتاج إلى الدول الآسيوية حيث التكلفة أدنى.
وينتج القسم الأكبر من الرقائق الإلكترونية في تايوان التي تطالب بكين بالسيادة عليها، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وأعلن قطاع صناعة أشباه الموصلات منذ مطلع 2021 استثمارات جديدة تقارب 80 مليار دولار في الولايات المتحدة حتى 2025، بحسب بيانات صادرة عن اتحاد هذا القطاع، استشهد بها البيت الأبيض