كيف يرى الأمير عبدالعزيز بن سلمان دور الخريجين في مرحلة التحوّل؟
بقلم د. بجاد البديري
مستشار الشراكات والاتصال المؤسسي
في حفل تخريج جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، جاءت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة بوصفها رسالة تتجاوز طقوس الاحتفاء بالإنجاز الأكاديمي، وتضع الخريجين أمام سؤال أعمق يتعلق بدورهم في المرحلة المقبلة، إذ أكّد سموه أن الوطن يحتاج عقولًا قادرة على تحويل المعرفة إلى أثر، والطموح إلى إنجاز ملموس. هذا الخطاب يعكس تحوُّلًا جوهريًا في مفهوم التخرُّج، فالشهادة نقطة انطلاق لمسؤولية أوسع، حيث تنتقل المعرفة من قاعات الدراسة إلى فضاءات العمل والإبداع، ويغدو العلم أداة فاعلة في بناء الاقتصاد، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم الابتكار، وتطوير الحلول المستدامة.
يتزامن تخرُّج هذا الجيل مع مرحلة وطنية استثنائية، تشهد فيها المملكة مسارًا طموحًا لإعادة تشكيل مستقبلها عبر الاستثمار في الإنسان، والبحث العلمي، والتقنية، والطاقة المتقدمة، وفي هذا السياق، يظهر الخريجون شركاء في التحوُّل، يحملون مسؤولية نقل المعرفة إلى تطبيق، والرؤية إلى واقع، والتحديات إلى فرص قابلة للبناء والنمو. إن الرسالة الأبرز التي حملتها كلمة سمو وزير الطاقة تكمن في ربط الطموح بالالتزام، فالمعرفة كفاءة كامنة، تتحقق قيمتها حين تقترن بالعمل، وتثمر نتائجها حين تندمج مع حس المسؤولية، ومن هنا تتشكل العادات المهنية، وتتراكم الخبرات، ويتحقق الأثر المستدام على المدى الطويل.
وفي امتداد هذا المعنى، تتجلّى ملامح السعودية الجديدة التي غدت اليوم بيئة عالمية مفتوحة للعقول المبدعة، تدعو المواهب والكفاءات من مختلف أرجاء العالم للانضمام إلى حاضرها المتسارع ومستقبلها الواعد، إنها اليوم بمثابة نموذج تنموي يقوم على تكامل المعرفة العالمية مع الطموح الوطني، ويمنح الإنسان مساحة للتأثير، والابتكار، وصناعة قيمة مشتركة تتجاوز الحدود الجغرافية. وفي المحصلة، يعيد هذا الخطاب تعريف علاقة الخريج بوطنه، علاقة تقوم على وعي بالدور، واستعداد للعطاء، وقدرة على تحويل العلم إلى قيمة مضافة، فالمستقبل تصنعه الأيدي التي تعمل، والعقول التي تبادر، والقلوب التي تؤمن بأن المعرفة رسالة ومسؤولية، قبل أن تكون إنجازًا شخصيًا.