|

الجائحة تغذي أكبر طفرة في أسعار المنازل منذ عقدين

الكاتب : الحدث 2021-08-05 12:42:17

تشهد أسعار المنازل طفرة في كل اقتصاد رئيس تقريبا في أعقاب جائحة فيروس كورونا، ما أدى إلى أكبر موجة صعودية واسعة النطاق منذ أكثر من عقدين وإحياء مخاوف الاقتصاديين بشأن المخاطر المحتملة التي تهدد الاستقرار المالي.
من بين 40 دولة شملتها بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ثلاث دول فقط شهدت انخفاضا في القيم الحقيقية لأسعار المنازل في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام - وهي أصغر نسبة منذ بدء سلسلة البيانات في 2000، وفقا لتحليل أجرته "فاينانشيال تايمز".
قال محللون إن الانخفاض التاريخي لأسعار الفائدة والمدخرات المتراكمة خلال عمليات الإغلاق والرغبة في الحصول على مساحة أكبر بسبب عمل الأشخاص من المنزل، جميعها تغذي هذا الاتجاه.
وفقا لكلاوديو بوريو، رئيس قسم الإدارة النقدية والاقتصادية في بنك التسويات الدولية، على المدى القصير يمكن أن يكون نمو أسعار المنازل "أمرا جيدا للاقتصاد لأن الأشخاص الذين يمتلكون منازل بالفعل يشعرون بأنهم أكثر ثراء ويمكنهم إنفاق مزيد من الأموال بسبب تقييم أصولهم".
لكنه حذر أن استمرار النمو يمكن أن يتحول إلى طفرة غير مستدامة تدفع النشاط في النهاية "إلى الاتجاه المعاكس"، خاصة عندما يكون مصحوبا بتوسع ائتماني قوي.
بلغ النمو السنوي لأسعار المنازل عبر مجموعة الدول الغنية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 9.4 في المائة – أسرع وتيرة منذ 30 عاما - في الربع الأول من 2021، مع انتعاش الاقتصادات من فترات الركود الشديدة التي حدثت العام الماضي بسبب فيروس كورونا.
أشارت دنيز إيجان، نائبة رئيس قسم المالية الكلية في قسم الأبحاث التابع لصندوق النقد الدولي، إلى "نمو قوي في أسعار المنازل خلال العام الماضي في معظم أنحاء النصف الشمالي من الكرة الأرضية".
تشير البيانات الوطنية إلى أن الاتجاه واسع النطاق استمر في الربع الثاني. في الولايات المتحدة ارتفعت أسعار المنازل في نيسان (أبريل) بأسرع معدل سنوي منذ نحو 30 عاما.
واستمر النمو القوي في المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وكندا وتركيا، من بين دول أخرى.
بعض الدول تظهر عليها علامات "حمى الإسكان"، بحسب إنريكي مارتينيز جارسيا، كبير الاقتصاديين الباحثين في بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس. عزا ذلك إلى التحفيز المالي والنقدي خلال الجائحة.
قال بوريو إن "تكييف الأوضاع المالية بشكل مفرط" مع الانخفاض القياسي لأسعار الفائدة ساعد على رفع أسعار المنازل بوتيرة سريعة غير معتادة خلال فترة ضعف النشاط الاقتصادي.
تكاليف الاقتراض المنخفضة تجعل عمليات شراء المنازل أقل تكلفة مقارنة بالإيجارات والاستثمارات الأخرى.
إضافة إلى ذلك، كثير من الأسر، خاصة تلك التي كانت أفضل حالا بالفعل، جمعت مدخرات ضخمة منذ بداية الجائحة حيث أدت عمليات الإغلاق إلى الحد من الإنفاق في الوقت الذي تمت فيه حماية بعض الوظائف.
قالت مارتينيز جارسيا: "تم تخصيص جزء كبير من هذا الدخل الإضافي لسوق الإسكان".
في الوقت نفسه، قرر عدد كبير من الأشخاص الانتقال من المنزل، غالبا إلى عقارات أكبر في أماكن أكثر هدوءا، بعد قضاء ساعات طويلة في المنزل أثناء الإغلاق. لقد احتشدوا في أسواق العقارات التي كانت مشغولة بالفعل مع زيادة الطلب من الأسر التي أجلت عمليات انتقالها.
وفقا لماتياس بليسنر، خبير اقتصادي في وكالة سكوب راتينجز للتصنيف "تضخمت أسعار المنازل بسبب نقص العرض وزيادة أسعار البناء".
تقلص مخزون مواد البناء مع تعرض سلاسل الإمداد العالمية لضغوط، وارتفعت تكلفة المواد مثل الصلب والخشب والنحاس بسرعة.
حذر بريت هاوس، نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في مصرف سكوتيا الكندي، من "انعدام وجود توازن هيكلي بين العرض والطلب (في مخزون الإسكان) ... الذي سيزداد حدة" في الأشهر المقبلة.
ينمو متوسط أسعار المنازل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل أسرع من نمو مستويات الدخل، ما يجعل تكلفة الحصول على منزل تفوق قدرة المستهلكين الشرائية، كما أنها ترتفع بوتيرة أسرع من الإيجارات.
قال آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس"، إن أسعار العقارات في الاقتصادات المتقدمة مبالغ فيها بنحو 10 في المائة مقارنة بالاتجاهات على المدى الطويل. وهذا يجعل هذه الطفرة واحدة من أكبر الطفرات منذ 1900، حسب تقديراته - على الرغم من أنها ليست كبيرة مثل التي حدثت في الفترة التي سبقت الأزمة المالية.
لكنه أشار أيضا إلى أن بعض العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار كانت مؤقتة، مثل الحوافز الضريبية الحكومية والاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بالجائحة بما في ذلك تعطيل سلاسل الإمداد العالمية بسبب حالات التأخير في الموانئ.
قال إن نمو الائتمان أقل مما كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية، ما يشير إلى "انخفاض خطر حدوث كساد مقارنة، مثلا، بـ2006 - 2007".
جادلت إيجان، من صندوق النقد الدولي، بأن نمو الرهن العقاري كان مدفوعا إلى حد كبير بالأشخاص الذين يتمتعون بمراكز مالية قوية، وفي معظم الدول المتقدمة كانت الأسر أقل مديونية مما كانت عليه قبل الأزمة المالية، ما يشير إلى انخفاض مخاطر أن يسلك الوضع المسار نفسه مع موجة من التخلف عن السداد وعمليات البيع الطارئة (بأسعار منخفضة).
يختلف أحد العوامل الرئيسة عما كان عليه الوضع منذ نحو 15 عاما: البنوك المركزية التي تضررت من أزمة الإسكان السابقة أصبحت الآن أكثر حذرا.
أضاف بنك الاحتياطي النيوزيلندي أسعار المنازل إلى تفويضه وطلب البنك المركزي الأوروبي من وكالة إحصاءات الاتحاد الأوروبي تضمين أسعار المنازل في حساب معدل التضخم الأساسي.
قال أديتيا بهاف، الخبير الاقتصادي في بانك أوف أمريكا، إن صناع السياسة في جميع أنحاء العالم "باتوا الآن على دراية تامة بالمخاطر المتعلقة بسياسة الإسكان". على النقيض من 2008، فإن ذلك "يقلل بشكل ملموس من فرص حدوث نتائج عكسية"