|

لماذا يشتمنا الفلسطينيون ؟

الكاتب : الحدث 2021-05-09 05:41:40

كتبها..صالح جريبيع الزهراني


إلقاء اللوم على الآخرين عند الفشل وشتمهم وسبهم حيلة نفسية قديمة لتبرير العجز وتبرير التراخي والكسل والتهرب من العمل على تغيير الأوضاع..لكنها حيلة خادعة براقة..يشعر معها المرء براحة ونشوة وهمية مؤقتة..ولكنه سرعان ما يعود للواقع..ثم يحتاج لجرعة أخرى من التبرير..وكأنه مدمن مخدرات..لا هو أفاق ولا هو أقلع ولا هو غير واقعه.

وهذا ما أفسر به سلوك الأخوة الفلسطينيين..فقد أدمنوا شتم العرب..للهروب من مسؤولية مقاومة المحتل..بل أستطيع أن أقول:إنهم تفرغوا تماماً لشتم العرب..ولم يعودوا يفعلوا شيئاً سواه..وأصبحت كلمة خيانة القضية أو خونة القضية أو خذلان القضية تهمة جاهزة للشعوب الخليجية خصوصاً..ولو أن الفلسطينيين تفقدوا رؤوسهم قليلاً وعادوا إلى واقعهم وأفاقوا من غفلتهم..لأدركوا أنهم هم الخونة لقضيتهم..سواء السياسي منهم الذي قبل الإسرائيليين كأخوته أو المثقف الذي عشق فتاة إسرائيلية أو حتى العامل الذي يعمل أجيراً عند الإسرائيلي..ولو أن الفيتناميين تفرغوا لشتم الصينيين واليابانيين والكوريين لما حرروا بلادهم من أعتى قوة على وجه الأرض..وكذلك لو تفرغ الجزائريون لشتم العرب والأفارقة لما حرروا بلادهم من طغيان الاستعمار الفرنسي. 


إن ما حصل عبر تاريخ القضية أمر غير مشرف..ابتدأ ببيع بعض الفلسطينيين أرضهم لليهود..ثم اغتيال المناصر الأول للقدس في ذلك الزمان ملك الأردن عبدالله الأول بن الحسين داخل المسجد الأقصى..ثم التخريب والعمليات الإرهابية داخل الأردن ولبنان ومصر وسوريا والكويت..والتسبب في بعضها بحروب أهلية..واستهداف المصالح العربية وخطف الطائرات العربية ومهاجمة السفارات العربية واغتيال الدبلوماسيين العرب..من الإمارات إلى المغرب..مروراً بالسعودية ومصر..وقبلها ما فعله بعض الفلسطينيين من دناءة ووشاية بالجيوش العربية التي أتت لمناصرتهم فتسببوا في هزيمتها..ثم وأخيراً..التطبيع مع إسرائيل وقبولها كدولة والتعامل معها سياسياً واقتصادياً وأمنياً. 


إن التاريخ الواضح يقول بأن الفلسطينيين تفرقوا شيعاً منذ سنين طويلة وذهبت ريحهم منذ سايكس بيكو وقبله حتى..فقد كان بعضهم مع العثماني..والآخر مع الفرنسي..والبعض مع الإنجليزي..والبعض مع الحسيني..والبعض مع الشريف..والبعض مع الحرب والمقاومة..والبعض مع القعود والمصالحة..والبعض فضل الهروب من الأرض..والبعض فضل التعاون مع العدو..وحتى من يسميهم التاريخ مناضلين ومقاومين..فإنك تحسبهم جمعاً وقلوبهم شتى..فيهم الشيوعي..وفيهم القومي العروبي..والناصري..والعفلقي البعثي..والأخواني..والسلفي..والديموقراطي..إلخ..وقد بلغ عدد هذه الفرق أكثر من 47 جماعة وكتيبة وجبهة وفرقة ومنظمة..ولكل واحدة منها قادة وأتباع وأزلام..يرعون مصالحهم ومصالح قادتهم قبل مصلحة القضية وقبل مصلحة الشعب..ويقتتلون فيما بينهم بدلاً من قتال العدو..ومن يكذِّب ذلك فلينظر ما يجري الآن بين فتح وحماس.


لقد قلت وأعيد وأكرر..لو خرج في وقت واحد وفي ساعة واحدة مليونا فلسطيني ممن يسمون عرب الداخل بأدوات المطبخ وأدوات الزراعة فقط لطردوا الإسرائيليين من أرضهم..ولو توحد الفلسطينيون في الخارج وكونوا جبهة واحدة وحاربوا العدو دون أن يخون بعضهم الآخر لانتصروا على إسرائيل بدون مساعدة أي جيش عربي..ولتدفق عليهم الرجال والسلاح من كل مكان في هذا الكون..ولكن القضية أصبحت بالنسبة لهم الدجاجة التي تبيض ذهباً..وهم لا يريدون قتلها..فطرد الإسرائيليين يقتلها..وإيجاد حل لها مع إسرائيل يقتلها أيضاً..والأسلم لبقاء دجاجة القضية حية الاستمرار في حالة اللاحرب واللاسلم إلى الأبد..والاستمرار في تخوين العرب وشتمهم بهدف ابتزازهم.


إن حل القضية الفلسطينية .. من وجهة نظري .. يجب أن يبدأ بانتفاضة شعب فلسطين على قادته وعلى مثقفيه وإعلامييه الذين أدمنوا المتاجرة بدمائه.