|

موجة ذعر في "وول ستريت" .. المستثمرون قلقون من التحول إلى "سوق الدب"

الكاتب : الحدث 2022-01-22 11:45:43

شهدت "وول ستريت" موجة ذعر هذا الأسبوع، بعد التراجع الحاد في مؤشر ناسداك، ما حمل المستثمرين على التساؤل إن كانت الأسواق ستكتفي بعملية تصحيح أم أنها مقبلة على انكماش طويل، يحمل مخاطر للاقتصاد ولإدارة الرئيس جو بايدن.
وبحسب "الفرنسية"، انهار مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا بأكثر من 15 في المائة عن آخر رقم قياسي سجله في منتصف (نوفمبر)، ما يضعه بشكل مؤكد في هامش التصحيح، مسجلا أسوأ شهر له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2008 في ظل الأزمة المالية.
أما مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذي يمثل السوق الأمريكية بمجملها، فتراجع بـ8.3 في المائة منذ ذروته الأخيرة في مطلع العام.
حتى أسهم "نتفليكس"، أحد الأسهم الأكثر رواجا في وول ستريت، شهدت تدهورا حادا وصل إلى 21.79 في المائة الجمعة فتدنت إلى نحو 400 دولار للسهم بعد بلوغ 700 دولار في (نوفمبر)، ما أثار مخاوف كبرى وبدأ ينشر القلق لدى صغار المساهمين الذين يعوّلون على خطة ادخارهم التقاعديّ المستثمرة في البورصة والمعروفة في الولايات المتحدة بـ"401 كاي".
وكتب أحد رواد الإنترنت شاكيا "خطتكم 401 كاي باتت على الأرجح أدنى بـ40 في المائة مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر. عمري 65 عاما ولا وقت لدي لإعادة بناء نفسي. شكرا جو بايدن".
وكتب آخر "الناس يخسرون مبالغ كبيرة على خططهم 401 كاي. المحفظة هي التي تحسم الانتخابات، توقعوا إذا هزيمة نكراء للديموقراطيين".
ويواجه بايدن في الخريف انتخابات تشريعية صعبة في منتصف الولاية الرئاسية، في وقت تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوياتها.
وما يبعث المخاوف في وول ستريت هو احتمال زيادة الاحتياطي الفدرالي الأمريكي معدلات فائدته سعيا لاحتواء تضخم في أعلى مستوياته منذ جيل.
وتشير التوقعات إلى زيادة في معدلات الفائدة تقارب نقطة مئوية هذا العام، بعدما أبقيت بمستوى الصفر أو ما يقارب منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19.
ويعتقد العديدون أن الاحتياطي الفدرالي أخفق في التعامل مع التضخم، وقد يعمد الآن إلى تشديد سياسته بشكل أكثر صرامة.
لكن السؤال الحقيقي يقتضي معرفة عند أي نقطة يمكن لعملية تصحيح أن تتحوّل إلى "سوق الدب"، أي سوق ذات منحى هبوطيّ، خلافا لـ"سوق الثور" التصاعديّة المنحى.
قال المحلّل لدى شركة "سبارتان كابيتال" بيتر كارديلو معلقا على موجة الذعر "صحيح أن السوق تشهد تطورات لا تتبع أي منطق، باستثناء سوق ناسداك"، لكنه رأى أن موسم إعلان نتائج الشركات التي ستميل إلى الإيجابية، سيبدل التوجّه.
وقال غريغوري فولوخين، مدير محافظ الأوراق المالية لدى شركة "ميسشيرت فاينانشل سيرفيسز"، "ما زلنا بعيدين من (سوق الدبّ)، لكن إذا بدأنا نترقّب تباطؤا اقتصاديا مع ارتفاع معدلات الفائدة، عندها سنواصل عمليات البيع، ما قد يجعلنا ننتقل فعليا من مجرّد تصحيح إلى (سوق الدبّ)".
ومن المرتقب أن يواصل الاقتصاد الأمريكي نموّه بوتيرة قوية عام 2022 متعافيا من تبعات الأزمة الصحية، غير أنه تمّ خفض التوقعات بهذا الصدد.
فهل ما زال من الممكن أن تنعكس سوق مالية متعثرة على النمو؟ يؤكد سام ستوفال من شركة "سي إف آر إيه" للاستثمار أن "هذا قد يبطّئ الانتعاش، لكنه لن يدخلنا في مرحلة انكماش".
وأوضح الخبير "خفضنا للتو توقعاتنا لنمو إجمالي الناتج الداخلي في 2022 من 4.6 في المائة إلى 4.2 في المائة، لكن هذا على ارتباط بالأحرى بمدة التضخم والتطلعات بأن الاحتياطي الفدرالي سيرفع معدلات الفائدة في كل فصل من هذا العام".
ويرى آخرون أن التصحيح، إذا لم يستمر لفترة طويلة جدا، هو إجراء سليم في سوق تكون أسعار الأسهم فيها أحيانا مبالغا فيها.
وتبلغ نسبة أسعار الأسهم إلى عائداتها، وهي نسبة تعتبر من المؤشرات الأساسية لتحديد قيمة الأسهم، 21.2 لشركات مؤشر ستاندارد أند بورز 500، ما يعني أن من يريدون أن يصبحوا مساهمين يدفعون ثمنا للسهم يفوق قيمة أرباحه بأكثر من 21 مرّة.
وتظهر الإحصاءات التاريخية، بحسب سام ستوفال، أن هذه النسبة يمكن أن تتدنى في أفضل الظروف إلى 19.7 في ظل معدلات تراوح بين 1.75 في المائة و2.25 في المائة على عشر سنوات. وقال الخبير "هذا يتناسب مع تراجع مؤشر ستاندارد أند بورز 500 بنسبة 15 في المائة، ما يعني بالتالي أننا وسط عملية تصحيح".
وتابع "التاريخ يقول لنا أيضا إننا قد نتراجع بمعدل الضعف إلى -30 في المائة" إذا تدنت النسبة إلى 16.2، متوسّطها التاريخي في ظل معدلات فائدة مماثلة.
لكن التاريخ يحمل كذلك عزاء، إذ لفت الخبير إلى أنه "بعد عملية تصحيح، يعود المستثمرون بقوة ولا يتطلب الأمر أكثر من متوسط أربعة أشهر للعودة إلى التوازن".
يشار إلى أن نتفليكس أنهت عام 2021 بنجاحات عالمية، لكن نسب المشاهدة القياسية لا تحجب التباطؤ في نمو المشتركين الجدد، الأمر الذي يقلق المستثمرين.
باتت المنصة العملاقة للبث التدفقي تضم 221.8 مليون مشترك، أي أقل بقليل من العدد المتوقع البالغ 222 مليوناً، على ما جاء في بيان أصدرته نتفليكس عن نتائج الربع الرابع من 2021.
وتتوقع المجموعة ألا يزيد عدد مشتركيها الجدد عن 2.5 مليون خلال الربع الحالي، مقارنة بـ4 ملايين مشترك في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى آذار (مارس) 2021. ولم تسجل المنصة مثل هذا الرقم المنخفض للربع الأول سوى في 2010، عندما كان عدد مشتركي نتفليكس لا يتخطى 13.9 مليوناً.
وكانت ترددات هذه النتائج فورية في وول ستريت الجمعة، إذ تراجع سهم المجموعة التي تتخذ مقرا لها في كاليفورنيا بنسبة تصل إلى 21 % خلال التداول الإلكتروني بعد إغلاق البورصة.
وأعلنت المجموعة قبل أسبوع عن زيادة ما بين دولار واحد ودولارين على اشتراكاتها الشهرية في الولايات المتحدة. ويكلف الاشتراك بالرزمة الأساسية حالياً 9.99 دولاراً، وصولا إلى الاشتراك الأغلى وقدره 19.99 دولاراً.
ومع ارتفاع التضخم نسبيا في الوقت الحالي، يحاول الناس تقليل بعض التكاليف غير الضرورية.
مع ذلك، لا يمكن للمنصة المجازفة بتقليص استثمارتها، في ظل المنافسة المحتدمة مع منافسيها الرئيسيين، من أمثال "ديزني بلاس" و"اتش بي او ماكس".
علق بول فيرنا من "إي ماركتر" بأن "محاولات نتفليكس الأخيرة في التجارة الإلكترونية وألعاب الفيديو تظهر أنها تتطلع إلى تنويع إيراداتها".
وبصفتها لاعبا مهيمنا في سوق خدمات البث التدفقي، تثير المنصة أيضا توقعات كبيرة.
ولم تحقق نتفليكس توقعات وول ستريت لعدد المشتركين الجدد في نهاية العام الماضي وقدمت توقعات أضعف من المتوقع في أوائل عام 2022، إذ تصاعدت حدة المنافسة في المعركة على مشاهدي خدمات البث عبر الإنترنت.
أضافت أكبر خدمة بث في العالم 8.3 مليون مشترك من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر)، عندما أصدرت مجموعة كبيرة من البرامج الجديدة منها أفلام مرصعة بالنجوم مثل (رد نوتيس) أو "مذكرة حمراء" و (دونت لوك أب) أو "لا تنظر إلى أعلى"، فضلا عن موسم جديد من مسلسل (ذا ويتشر).
وتوقع محللو الصناعة أن تضيف نتفليكس 8.4 مليون مشترك، وفقا لبيانات رفينيتيف آي.بي.إي.إس.
وفي رسالة إلى المساهمين، قالت نتفليكس إنها تعتقد أن جائحة كوفيد-19 والصعوبات الاقتصادية في العديد من المناطق في العالم ربما منعت انتعاش نمو المشتركين إلى مستويات ما قبل الجائحة.
رفعت نتفليكس الأسبوع الماضي الأسعار في كبرى أسواقها، الولايات المتحدة وكندا، حيث يقول المحللون إن النمو في حالة ركود.
وسجلت الشركة أداء قويا خلال جائحة كورونا، مع نمو حاد في أوائل عام 2020 عندما كان الناس يلزمون منازلهم وأُغلقت دور العرض السينمائي، قبل أن يتراجع أداؤها في 2021.
ويتوقع المحللون أن يستقر نمو المشتركين في نتفليكس العام الحالي وأن يعود إلى وتيرته قبل الجائحة.
وسجلت نتفليكس أرباحا في الربع الرابع بلغت 7.71 مليار دولار، بما يتماشى مع التوقعات