|

في منطقة مُحتملة 

الكاتب : الحدث 2021-09-14 04:37:29

لن أقول مما لا شك فيه لأنني لست ممن يمتلك اليقين القطعي تجاه الكثير من حيثيات الحياة التي يتخذها البعض كمُسلمات ؛ بالنسبة لي الشك طريق لتجليات اليقين وما من يقين يأتي بدون شك ، عندما نقرأ للفلاسفة وكبار المفكرين سنجد شرارة الشك الأولى 
التي صنعت مصيرًا وحركت فكرًا وأشعلت فتيل دهشة في مكان ما ، وبحسب تعبيري نسبيًا أرى أن الشك محرك فاعل حين استفتي قلبي ليوجهني نحو المُطلق وعندما أبدأ في تجميع المعاني التي تأخذني لليقين يراودني القلق و يلتقي بالشك في خطين متوازيين
وأنا المعني الذي ينبغي عليه استنتاج الاحتمالات في فضاء لا مرئي ، أحاول أن أقبض على الأفكار وهي تتداعى أقف بين رهبة ورغبة ، رهبة الذي تمتلكه الثقة بأن في ما وراء الأشياء ثمة تفسيرات تعلل ذاتها بذاتها وهذا ما تتوق له نفسي ، ورغبة في أن أصبح بسيطًا بلا تعقيدات مرة تؤطر تداعي الكلمات وتجعلها في نسق معين ومرة تفيض دون أن أستطيع ولو لوهلة أمسك بزمام ذلك الفيض ولا يوجد حل وسطي يجعلني في منطقة محتملة  ، ترتابني لحظة تجعل الأشياء في نظري صغيرة ولا تستحق أن تكون ولو لموضع نسبي في ذاكرتي،  وأخرى تعصف بي تجعل لكل شيء سبب وتحليل يحضر المنطق كعاصفة لا تأتي لتعصف بالهالة التي أحيط بها كياني وإنما لتكسر أنماط الوجود ورتابته أراقبها على محمل الإيمان بماهيتها أؤمن بجسارتها في سبر ماهيتي أتحسسها وهي تتلمس أعمق موضع في جوهري تود أن تخرج منه ما ينبغي أن يكون في الخارج 
وتفعل ذلك ولا تفعل في ذات الوقت ، عندما يطرأ عليها طارئ تتجه نحوه وتتركني فيغلب علي الظن بأنها ذهبت وأصبحت بالنسبة إليها في أدراج النسيان ولكنها تعود محملة بكل الأشياء التي لم تتمكن من فك رموزها ، تودعها في ذاتي وتجد فيها مُتسعًا لذلك لعلها تؤمن أنني أجيد الحفر في تلك المناطق المظلمة ، نتشارك هذا النعيم الشاق ، بين الذهاب والمجيء تحاول التعرف على شيء في مكانٍ مني عندما ذهبت لم يكن له أي وجود وعندما تعود يصبح مزهرًا ببذور الرغبة في المزيد 
وبين ما أقدم لها وبين ما تمنحني ينشأ ثقبٌ عميق يستوعب كل تلك الماهيات ومجرياتها فلا هو الذي يفيض نتيجة الامتلاء ولا أنا التي تكتفي نتيجة الاتساع .

بقلم : رهام مدخلي
@Reham90md