|

( السدرة) فانتازيا واقعية للروائية السعودية أسماء أحمد بوخمسين    

الكاتب : الحدث 2022-01-02 03:06:54

 الجبيل الصناعية – سمية آلخير  

.نشرت الكاتبة  أسماء بوخمسين روايتها الأولى ( السِّدرة ) وهي رواية من القطع المتوسط في ٣٢٠ صفحة عام ٢٠٢١ عن مركز الأدب العربي  بالدمام .والمؤلفة عملت في سلك التعليم كمدرسة وإدارية في الخبر .
وقد سبق وأن كتبت في أدب الأطفال ،تسع عشرة قصة ضمن برامج تعليم القراءة بالتعاون مع دار التركي بالظهران .ومن يستطيع أن يدخل في العقول الصغيرة ويكتب لها - وهو الأصعب - لابد أن يكتب أدبًا ممتعا وشيقا للكبار ، وهذا ما وجدته وأنا أقرأ السِّدرة .
شكل الرواية
والتي صدرت  مؤخرا  عن مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع بمدينة الدمام
وحمل غلافها لوحة للرسامة تغريد البقشي  في ٣٢٠ صفحة من القطع المتوسط،  قسمت ليس إلى فصول بل إلى عناوين متعددة وقليلة الصفحات والتي وحّدت  الرواية وسهلت على القارئ مواصلة القراءة، فقد كانت أسرع رواية اقرأها في زمن المشاغل الذي قلت فيه سرعة إنهاؤنا لكتاب ما، مما جعل مصير تكملته متعلقا بمدى جاذبيه وسهولة متابعة أحداثه .
لغة الرواية :
قدمت الكاتبة أسماء بوخمسين روايتها  بلغة سردية تميزت بالسلاسة  ، والسهولة الممتنعة، وحملت  تشبيهات جميلة ومؤثرة خدمت فكرتها  كثيرا، وجعلت خيال القارئ يحلق في ذلك الزمن البعيد   ويتلمس وصفها الحسي لتفاصيل الأمكنة، صعودا وهبوطا مع
زقاق مرة، وحقل قصب  تارة ،وتارة أخرى ستسمع أزيز فتح  بوابة الدار الخشبية  الكبيرة  في أذنك وأنت تقرأ،  وحتى نجوم السماء ستبصرها عيناك   بأوصافها الشاعرية
زمن الرواية
أحداث الرواية تشير إلى الربع الأول من القرن العشرين، واتصلت  أحداثه لتشير  إلى وحدة وتأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز، وتكوين  وزارات الدولة ومن ثم إكتشاف البترول، وإهتمام أهل ذلك الزمان بالتعليم   لإرتباطه بتطوير تجارتهم.
الواقعية :
كتبت وصفا  واقعيا
عن حياة أهل الأحساء وجانب من شكل ملابسهم ومأكلهم، وأمر   تجارتهم، وزراعتهم، وسردت التفاصيل الدقيقة  عن الحياة في ذلك الوقت كأنها عايشتها معهم، أو كأنما  حكاها لها من عاشها خاصة ترديد  الأشعار الشعبية، والقصص، و الأساطير الخيالية الواردة  في المناسبات المختلفة،
كما أسهبت  في تفصيل  العادات والتقاليد في مناسبات  الزواج، والولادة، الموت، الإرضاع، تحفيظ القرآن والحياة الإجتماعية المتمثلة في التعاون والمساعدات بين أهل الفريق الواحد، كذلك أساليب التجارة و التعامل  مع الغريب، ومدي معرفتهم بعلاج المرض    في ذلك الوقت،كل ذلك عايشناه معها
الخيال
كل هذه الواقعية لم تمنع خيال الكاتبة من السفر بعيدا عن جعل السدرة التي تتوسط حوي البيت كيانا مؤثرا على شخصيات الرواية، وشاهدة على أحداثها منذ الزواج، والولادة، التي جلبت اليتم ثم الزواج الآخر، والاستقرار، وكل مراحل حياة الفتى منصور حتى زواجه وما بعده حيث جعلت أغصانها تارة أيادي تربت على كتف الصغير معزية ومشجعة، وتارة أجنحة تسافر به  بعيدا لتساعده على الهرب بفكره مما أمامه من حياة يعترض على كثير من تفاصيلها،
كما أن تخيلها  لرحلة الهند الأولى التي سافر فيها بطل الرواية كانت عامرة بالتفاصيل  الحسية الدقيقة التي تأسر  القارئ كأنها سافرت معهم.
لب الرواية :
لبها ان صح التعبير هو تصوير
مرارة اليُتم وآلامه  والتي لم ولن  تمحوها السنون مهما تقادمت،
ولن يضيع الحق القديم  طالما إرتفع صوت مطالبه، وأن الظلم (ليلته قصيرة) مهما طال،
كما أنها أكدت مفهوم اليتيم فاقد الحب الذي  لا يستطيع منحه لمن حوله لأنه لم يستشعره منهم ،
أيضا كأنها تقول إن لكل  منا سدرته التي ستتوسط (حوي) أو فناء   حياته، وستكون شاهدة على كل تفاصيله وأسراره، كما أنها ستسانده من بعيد في كل المواقف منذ الميلاد وربما حتى الوفاة ، وقد تكون الأم لمن فقد أمه، وستمنحه بعض  ملامحها إذا لم يعيها
النهاية المدهشة :
أدهشتني النهاية لأنني أعتبرها رواية واقعية ، تغير فيها منصور المسالم  بسبب أفكار غزت عقله  أكثر من  مواقف مؤثرة مرت به خلال أحداث الرواية!   كما  أدهشني القط الأسود هل يمكن أن يعيش القط بعمر الإنسان  من بداية ولادة منصور وحتى نهاية الرواية؟!  ورغم أنها أعطتنا لمحات عبر حديث الشخصيات عنه  إلى كونه من الجن
ولكن لم تؤكد ذلك مئة بالمئة  أيضا، وقد أشارت في ردها عن هذه النقطة قائلة  في حوار خاص منذ بداية  الرواية أن القط وجوده حتى النهاية فيما يسمى (الواقعية السحرية ) الفنتازيا .والتي كان أول من كتب فيها كافكا)  وأرسى قواعدها (ماركيز) .
ختاما هي  رواية برأيي تدعونا فيما تدعو  لتفقد ما حولنا من جمال فقد نجده في أرض نمشي عليها، أو سماءً ننظر إليها، او شجرة نمر بجانبها كل يوم دون أن ننتبه لجمالها وحنانها.