|

صبيا وتاريخ ابن خلدون

2017-06-11 06:35:02

جرت العادة بين الناس في كل المجتمعات المدنية أو القروية أن ترتبط الذاكرة ببعض المواقع عبر التاريخ ومع مرور الأيام تصبح تلك المواقع معالم واضحة يستدل بها القاصي و الداني حتى وإن بقيت مجرد أطلال من الماضي ولعل هذا الارتباط التاريخي يترك بين الناس أثر بالغ يجعلهم يزدادون تعلقاً بتلك الأماكن حتى عن بعد فأحاديث الذكريات لاتنقطع في كل موسم وعند كل مناسبة.

صبيا مدينة حالمة وتاريخية يفوح منها عبق الماضي الأصيل وتزخر بحاضر مٌزهر وينتظرها بعون الله مستقبل مٌشرق كغيرها من مدن الدنيا عامة والسعودية خاصة ومنذ عشرات السنين ومع تعاقب الأجيال مرت صبيا بتغييرات كثيرة وشهدت تطورات عديدة وواكبت تقنيات العصر في مختلف المجالات فأصبحت متميزةً فاتنة ومحتفظةً بتفاصيل واضحة من ماضيها التليد حتى وإن غابت الكثير من معالمها الشهيرة.

وخلال هذه الفترة تردد بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي موضوع هدم وإزالة مبنى مدرسة ابن خلدون الإبتدائية ذلك الصرح الشامخ الذي ظل صامداً نحو أربعة عقود في ميدان صبيا بوسط البلد وهذا الأمر تسبب في سخطٍ كبير وتراشق واضح عبر الردود المستمرة في مواقع التواصل وردود أفعال متفاوتة بين معارض ومؤيد لقرار الإزالة حتى وصل بعض المعارضين لربط تاريخ صبيا بهدم مدرسة ابن خلدون.

وبطبيعة البشر فهم عاطفيون يتفاعلون مع المواقف من جانب محدد إذا كان الأمر يتعلق بمحبوب أو مرغوب دون النظر لأي اعتبارات أخرى وبعد فترة قد يكتشف البعض فوائد عديدة لما كانت الاعتراضات ضد قيامه فتزداد الانقسامات بين معترف بالحقيقة في أرض الواقع وبين مكابر مستمر في التعصب لرأيه السابق دون الاكتراث بالإيجابيات التي تحققت فعلاً !!!

قبل أيام قرأت منشوراً في الفيسبوك لمدير مدرسة ابن خلدون كتب فيه كل مايتعلق بهدم وإزالة المدرسة واسترسل فيه مفنداً أسباب الإزالة وكل القرارات السابقة واللاحقة بهذا الخصوص ولعل الكثير خرج من المنشور بفكرة واضحة من شخص قريب من الحدث الذي أخرج الأهالي من الأجواء الرمضانية في مستهل الشهر الفضيل وأنساهم فرحتهم بعودة السوق الرمضاني لموقعه القديم في وسط صبيا.

بعض القرارات مصيرية ولا تقبل القسمة على إثنين أو تعديل للنتائج حتى تكون مٌرضية للأغلبية فهي حاسمة وتصدر بعد دراسة كافية ومستوفية ويتم تنفيذها مع تحمل من يُصدرها لكل تبعاتها دون الاهتمام بتقبل الآخرين لها مهما كانت درجة انزعاجهم ورفضهم لتنفيذها.

منطقياً ابن خلدون تعتبر مدرسة تاريخية ارتبطت بمحافظة صبيا منذ الأزل وستبقى ذكراها وأطلالها مع تعاقب الأجيال عبر الزمان وسيظل مكانها محفوراً في الأذهان حتى وإن أزيلت من مكانها .

وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً .