|

  ( فن الأدب الساخر)

الكاتب : الحدث 2021-12-08 07:33:12


إن ظهور السخرية و توظيفها داخل الأدب فن قديم
و يأتي هذا النوع من الأدب و هو الأدب الساخر الذي يقدم رسالة الأدب الممتلئة دهشة و بهجة محتشدة بمرارة الواقع.
و هو نقد الواقع من خلال الضحك 
كأنما يأتي هذا اللون من الأدب بلونه المُشع ليجعل بقعة ظلام المعاناة الواقعية لا تتسع بل تتلاشى
و هنا يكمن جمال الأدب الذي يعكس الحياة الواقعية بصورة تعيد للإنسان فطرته من البهجة لتخرج هذه المعاناة في صورة مبهجة، أنه لون أدبي راقي حين يُخرج الحقيقة المبكية بصورة ساخرة مضحكة كما يقول المتنبي 
لكنه ضحك كالبكاء، و للأدب الساخر اشكال متنوعة تتراوح ما بين النكات و الطرائف   . هذا اللون الأدبي الراقي الذي برز فيه العديد من الأدباء منهم الجاحظ في كتابه ( البخلاء) و سخريات سقراط 

      فمسألة تصوير المعاناة في قالب ساخر و مضحك ليس من السهل  تصوير هذه المرارةو الأدب الساخر لا يتجاهل مرارة ما يُحيله للضحك وللسخرية و لكن جماله يكمن في هذه المفارقة التي تحقق وجع التجربة لدى الكاتب ، فالأدب الساخر  يرصد الموقف الحزين و يحوله إلى ابداعية ساخرة  و مريره في الوقت ذاته.
و كما نرى في سخرية برنارد شو في نقد الواقع   أو المجتمع أو الأخر من منطلقات فكرية فلسفية مختلفة  .فلا يعني كونه يقترب للنكته و للسخرية بأنه مجرد من الحقيقة المرة  بل العكس فهو يحتشد بالمرارة 
و من أشد أنواع  الأدب صعوبة لأن الكاتب الساخر يأخذ اللحظة المحتشدة بالحزن و المعاناة و يضعها في قالب ساخر  إنه القالب المُضحك المُبكي و المفارقة العظيمة في الكتابة الساخرة  هو أن معظم الكتاب الساخرين عاشوا في بيئات قاسية و مؤلمة و لكن للأدب رايات انتصار يخرج من خلالها هؤلاء الكُتاب الساخرين بتحويل معاناتهم إلى سخرية فينتصرون على الألم المُر بالضحك .
و الأدب  الساخر الحقيقي هو الذي يلعب على وتر هذه المُتناقضات و يلطف و يُجمل ثقل الحياة وعبء آلامها

 

نوره يحي عبيري   
   hbbk20